يومان في فيينا.. مواقف ومقترح خماسي للحل في سوريا

  • 2018/01/28
  • 1:25 ص

المبعوث الأممي إلى سوريا خلال اجتماعات فيينا - 26 كانون الثاني 2018(رويترز)

عنب بلدي – حسن مطلق

شهد يوما الاجتماعات في فيينا (25 و26 كانون الثاني) زخمًا في الاجتماعات بين الأطراف المعنية، أفضت إلى مقاطعة المعارضة بأغلبية أعضاء وفدها لمؤتمر سوتشي، التي قررت روسيا عقده على أرضها في 29 و30 من الشهر الجاري، بينما طرحت خمس دول مقترحًا للحل السياسي في سوريا رفضه النظام ولم تبت “هيئة التفاوض العليا” في رؤيتها بخصوصه.

وجاء قرار المعارضة برفض سوتشي بعد تصويت جرى عقب آخر لقاء في فيينا، مع المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، إذ رفض الأغلبية حضور المؤتمر، بينما لم يكن لدى البعض مشكلة في حضوره بشكل شخصي، في حال وجهت لهم دعوات من موسكو.

وبعد أن حمل المبعوث الأممي نتائج فيينا إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، أعلن السبت 27 كانون الثاني، قرار حضوره مؤتمر سوتشي، والذي قالت روسيا إنها وجهت دعوات إلى 1600 شخص لحضوره، على أن يحضره وزير خارجيتها سيرغي لافروف، دون تمثيل على المستوى الرئاسي.

وخلال اجتماعات فيينا بدأ النظام بالتحضير للمؤتمر بالإعلان عن نية عقد ندوة مع حوالي 680 شخصية يمثلونه في “سوتشي”، تديرها المستشارة السياسية والإعلامية في القصر الجمهوري، بثينة شعبان، ونائب وزير الخارجية، فيصل المقداد.

كواليس فيينا وزيارة موسكو

رئيس “هيئة التفاوض”، نصر الحريري، عقد مؤتمرًا صحفيًا بعد يوم من انتهاء الاجتماعات في فيينا، وقال إنها كانت فرصة لاختبار جدية جميع الأطراف، وخاصة روسيا والنظام، الذي يعطل الوصول إلى حل على مدار السنوات الماضية، ويعول على الحل العسكري دون الرغبة بالانخراط في أي مفاوضات.

ولفت الحريري إلى أن الاجتماعات “كانت مفيدة، خاصة فيما يتعلق بالفهم المشترك لما سيتم خلال الفترة المقبلة”، معتبرًا “بدأت تظهر بعض الأفكار التي ربما إن وجدت آلية دفع مناسبة ستحقق الغرض المطلوب منها، فنحن نحاول أن نجعل الفترة الحالية حاسمة، لتكون بداية طريق واقعي حقيقي يؤدي للحل السياسي في سوريا”.

وبحسب مصادر عنب بلدي، ناقشت “الهيئة” مع الروس الأجندة والغاية من “سوتشي”، وكيفية ارتباطه بجنيف ودور المعارضة فيه، وتعليقًا على الأمر قال الحريري خلال المؤتمر الصحفي، إن المعارضة حققت تغييرات بسيطة في موقف موسكو خلال زيارتها (22 و23 كانون الثاني)، مؤكدًا أنها “لم تضغط علينا في أي شيء”.

ركز وفد المعارضة خلال اللقاء مع لافروف في موسكو، والذي حضره مندوبو وزارة الدفاع الروسية، على القضايا الإنسانية “على اعتبار أنها أمور فوق تفاوضية”، وتتمثل بإطلاق سراح المعتقلين، ورفع الحصار عن المدن والبلدات المحاصرة، وإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفق المعارضة، التي تدعو إلى اعتماد بيان “جنيف 1” وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254.

وطالب القرار، الذي أقر نهاية عام 2015، جميع الأطراف بالتوقف فورًا عن شن أي هجمات ضد أهداف مدنية، وحث جميع الدول الأعضاء على دعم الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار.

كما دعا الأمم المتحدة للجمع بين الطرفين والدخول في مفاوضات رسمية، أوائل كانون الثاني 2016، ونص على إنشاء آلية مراقبة وقف إطلاق النار، لكنه استثنى مجموعات تعتبر “إرهابية”.

ونصّ على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، في غضون 18 شهرًا، على أن يتم التحول السياسي بقيادة سورية.

قرار رفض حضور المؤتمر جاء بعد تصويت وصفه رئيس الوفد بـ “الشفاف”، ووفق ما اتفق عليه حين تشكيل “الهيئة” بحلتها الجديدة في مؤتمر “الرياض 2″، تشرين الثاني الماضي، فإن القرار يحسم نسبة الترجيح (إقرار أي قرار) بعد تصويت 26 شخصًا من أصل 36 يضمهم الوفد.

ووفق تغريدة لقدري جميل، رئيس “منصة موسكو”، الممثلة ضمن “الهيئة”، عبر حسابه في “تويتر”، فإن 34 عضوًا حضروا في فيينا، صوت عشرة منهم على الذهاب إلى سوتشي، مشيرًا إلى أنه “بما أن النسبة المرجحة لتمرير أي قرار في الهيئة هي 26 من 36، فإن هذا يعني أن الهيئة لم تتخذ قرارًا بعدم الذهاب كما لم تتخذ قرارًا بالذهاب”.

التباين في المواقف جاء خلال التصويت، وعلمت عنب بلدي من مصادر مطلعة على الاجتماعات، أن كلًا من: خالد المحاميد، بسمة قضماني، طارق الكردي، وأعضاء “منصة موسكو” متمثلين بيوسف سليمان وعروبة مصري ومهند دليقان وسامي الجابي، إلى جانب جمال سليمان وفراس الخالدي وقاسم الخطيب من “منصة القاهرة”، صوتوا للذهاب إلى “سوتشي”.

وقال الخالدي في حديث إلى عنب بلدي، “ملتزمون بقرار الهيئة وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن الأمر خلاف وجهات نظر وليس بيع مواقف أو مزاودة”.

وأوضح أن التصويت على قرار الحضور، “جرى بعد جلسة دي مستورا الأخيرة، لكن القرار بالرفض اتخذ قبل الجلسة”، مؤكدًا أن “الخلاف على الأفضل للقضية وليس مقياسًا للوطنية أو في إطار المزاودة”.

ورغم رفض حضور سوتشي، اعتبر الحريري أنه “في حال خرج المؤتمر بنتائج تخدم الانتقال السياسي الحقيقي في سوريا فنحن نرحب به وسنتبناه”، معتبرًا أن التفاوض يجب أن يكون بين طرفين (المعارضة والنظام)، “بعد تسليمنا وعرض رؤيتنا على الأطراف الأخرى في كثير من الجلسات”.

 

“لا ورقة” غربية تقتحم اجتماعات فيينا

سلم وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن، “لا ورقة” تضمنت رؤية للحل في سوريا، كنتيجة لاجتماعات وزارية في العاصمة الفرنسية باريس، الثلاثاء 23 كانون الثاني، وتضمنت مقترحات بـ “الضغط” على وفدي المعارضة والنظام، لإجراء مفاوضات جوهرية للإصلاح الدستوري.

إضافة إلى معايير عملية لإشراف الأمم المتحدة على الانتخابات، وخلق بيئة آمنة ومحايدة في سوريا لإجرائها، بما في ذلك حملات انتخابية “دون خوف”، وإجراءات بناء الثقة، وفق مضمون الـ “لا ورقة” الذي نشرته وكالات ووسائل إعلام.

وتضمنت الورقة ثلاث نقاط، أولها تتضمن ثمانية مبادئ للإصلاح الدستوري بينها “تعديل صلاحيات الرئيس عما هي في الدستور الحالي للعام 2012، وتتضمن 23 صلاحية، بهدف تحقيق توازن بالصلاحيات وضمانات لاستقلال المؤسسات المركزية الأخرى والإدارات الإقليمية”، في إشارة إلى الإدارات المحلية.

ومن ضمن المبادئ أمور تتعلق بصلاحيات رئيس الوزراء “لتقوية صلاحياته ورسم حدود السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء، بحيث لا يعتمد تعيين الأخير على قرار الرئيس، إضافة إلى صلاحيات البرلمان وتأسيس مجلس آخر يعكس تمثيلًا إقليميًا، مع سحب صلاحيات الرئيس من حل البرلمان أو المجلس الإقليمي”.

مضمون الطرح يتعارض مع ما تضمنته وثيقة “سوتشي”، التي دعت إلى “الحكم الذاتي في سوريا”، كما تحدثت المسودة الروسية للدستور السوري عن “جمعية مناطق” تؤسس إلى جانب البرلمان.

وتناولت الورقة الغربية- الإقليمية، قضية إصلاح أجهزة الأمن، على أن تخضع للسلطة المدنية وترفع الحصانة عنها، إضافة إلى عملها بشكل حيادي مع خضوعها للمساءلة والمحاسبة، إلا أن الأمر يختلف عن مضمون وثيقة “سوتشي”، التي تحدثت عن “جيش وأجهزة أمن تحت ظل الدستور”.

النقطة الثانية في الورقة تتعلق ببنود “مؤثرة” بإشراف الأمم المتحدة على الانتخابات، ومشاركة النازحين واللاجئين بموجب القرار 2254، بحيث تنشأ مؤسسات وفق معايير دولية، لتشرف على الانتخابات بما فيها “هيئة انتخابية مهنية وحيادية ومتوازنة”.

إضافة إلى صلاحيات “قوية” للأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن، في سعي إلى “تولي المسؤولية الكاملة لإجراء انتخابات حرة وعادلة في سوريا، عبر تأسيس هيئة الانتخابات ومكتب سياسي لدعمها، ودور للاعتراف بنتائج الانتخابات”.

وتناولت النقطة الثالثة إجراءات بناء الثقة، وتوفير البيئة المحايدة لإجراء الانتخابات، وتشمل بنودًا مختلفة، بينها “الانخراط البنّاء من الأطراف السورية في عملية جنيف، ووقف العمليات القتالية، وحيادية أجهزة الأمن، وانسحاب الميليشيات الأجنبية، وإطلاق برنامج لنزع السلاح والاندماج والتسريح للعناصر المسلحة، والوصول إلى الوثائق المخصصة للسجل المدني”.

خلال الاجتماعات وتعليقًا على الطرح، رفض رئيس وفد النظام بشار الجعفري مضمون الـ “لا ورقة”، وقال إنها “غير رسمية ومرفوضة جملة وتفصيلًا”، رغم الحديث عن محاولات من دي ميستورا لنقاش قضيتي الدستور والانتخابات، دون الخروج بأي نتيجة.

التعليق الوحيد للمعارضة على الطرح، جاء على لسان رئيس وفد “هيئة التفاوض”، الذي رحّب “بأي فكرة قد تؤدي إلى تطبيق القرار 2254 أو تدخل في تفاصيله”، مؤكدًا أن “اللاورقة تدرس حتى الآن من الهيئة، وهناك انطباعات إيجابية وأخرى سلبية”.

ورأى رئيس الوفد أن “الحوار يجب أن يتم في مرحلة انتقالية ودستور جديد تجري بموجبه انتخابات”، مستدركًا “إلا أنه يجب دراسة الأمر بشكل واسع، وحاليًا لا يمكن أن يتم الأمر بشكل سريع، كما من الضروري أن يكون جزءًا من العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة”.

وقف إطلاق نار في الغوطة

خرجت الاجتماعات في فيينا باتفاق ينص على وقف إطلاق النار، قيل إن تنفيذه بدأ منتصف ليل الجمعة، 26 كانون الثاني، واستثنى مدينة حرستا التي تشهد معارك تحاول من خلالها قوات الأسد فك الحصار عن “إدارة المركبات”.

وقال المتحدث الرسمي باسم “حركة أحرار الشام” في الغوطة، منذر فارس، السبت 27 كانون الثاني، إنه لم يتواصل أحد معهم بخصوص الاتفاق، مردفًا “لا علاقة لنا بأي مخرج لم نكن طرفًا فيه أو لم نستشر ولم نشارك فيه”.

أما الناطق الرسمي باسم “فيلق الرحمن”، وائل علوان، أكد لعنب بلدي التواصل مع أعضاء الوفد، وقال إن الأمر قيد التشاور ولا موافقة رسمية، ومازال هناك نقل عن طريق الوسطاء للمحددات والشروط، مضيفًا “قدمنا للوسطاء الشرط الأساسي الذي ينص على إدخال المساعدات بمدة أقصاها 48 ساعة”.

ودعا “جيش الإسلام” لإدخال المساعدات، وقال رئيس المكتب السياسي الداخلي في الفصيل، ياسر دلوان (أبو عمار)، لعنب بلدي إن النظام لم يلتزم سابقًا بوقف إطلاق النار، “لكننا ننتظر فيما إذا استطاع الروس تنفيذ هذا الاتفاق”.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي