ألبسة “الماركة” تنازع في شارع الخمارة بإدلب

camera iconمتجر لبيع ألبسة البالة في مدينة إدلب - كانون الثاني 2018 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

إدلب – طارق أبو زياد

تشهد أسواق مدينة إدلب تراجعًا في حركتها التجارية، وتحديدًا في شارع الخمارة، الذي يضم سوقًا خاصًا لمحال بيع ألبسة “الماركة”، فعلى غير عادته يكاد يخلو اليوم إلا من عابري الطريق الذين يكتفون بالتمتع بالنظر لواجهات المحال البراقة.

انتكاسة كبيرة يعيشها بائعو الألبسة “الراقية” في إدلب، فلم يعد يرتاد محلاتهم في ظل ظروف الحرب التي تعيشها المدينة سوى القليل من الزبائن، لا سيما مع ارتفاع الأسعار وتراجع مستوى المعيشة، إذ أصبحت ألبسة الماركة لدى نسبة 95% من سكان المدينة شيئًا من الماضي.

بين الماضي والحاضر

محسن محمد تاجر يملك محل “ماسوتي”، المختص ببيع ألبسة الماركة في شارع الخمارة بمدينة إدلب، تحدث لعنب بلدي عن “أيام الماضي الجميل”.

“قبل الثورة كانت هذه الألبسة تأتي أقمشة خام من الماركة، وتستورد إلى سوريا مع تعليمات التصميم والإكسسوار الخاص بها، وتصنع بمعامل خاصة مرخصة من قبل الشركات العالمية حسب المواصفات، ثم تنشر في الأسواق. كانت تكلفتها جيدة ومناسبة للوضع المعيشي للناس”.

يستدرك التاجر “كانت أسعارها مرتفعة عن غيرها في الواقع، لكنها تناسب غالبية شرائح المجتمع في ذلك الوقت، حيث كان الدخل جيدًا للأغلبية والعمل متوفرًا”.

اليوم سحبت الشركات العالمية الترخيص من المعامل السورية، لذلك توجه التجار إلى استيراد الألبسة من المعامل المرخصة في تركيا، فهي البوابة الوحيدة من إدلب إلى العالم.

الألبسة المستوردة من تركيا تتراوح بين الماركة الأولى (نخب أول)، والماركة “نسخة طبق الأصل”، والألبسة الشعبية التي لا تحمل اسمًا عالميًا، ولكن غالبيتها ذات جودة عالية وجيدة، ويرتبط سعرها بشكل وثيق بالليرة التركية، ولكن بعد التخبط الذي أصاب الليرة التركية في السنوات الأخيرة أصبحت ترتبط بسعر الدولار.

يصف محمد لعنب بلدي مستوى إقبال الناس على هذه الألبسة اليوم “بسبب الوضع المتأزم والوضع المادي السيئ، ابتعد الناس عن ألبسة الماركة واتجهوا إلى الألبسة الأوروبية المستعملة (البالة)، وذلك بسبب توفرها الكبير إذ غزت سوق الألبسة بشكل غير طبيعي، وسعرها رخيص”.

لكن ذلك لا يعني بالضرورة انقطاع سوق الماركة تمامًا، إذ مايزال لها زبائنها من ذوي الوضع المادي الجيد، والذين لم يعتادوا ارتداء ألبسة مستعملة أو رديئة، بحسب محمد.

أسعار ألبسة الماركة

(بحسب التاجر)

أسعار ألبسة البالة

(بحسب رصد عنب بلدي للسوق)

بيجامة أديداس جديدة 32-35$ بيجامة بالة 2-4$
حذاء نايك 15-20$ حذاء بالة نوع جيد 8-15$
كنزة ماركة 9-15$ كنزة بالة 1-5$
بنطلون ماركة 15-17$ بنطلون بالة 3-8$

وعن سؤالنا حول وضع هذا السوق قبل وبعد الثورة، أجاب محمد أنه “لا مجال للمقارنة، فأرباح كل قطعة كانت تتراوح بين 5-10 دولارات، في حين لا يتجاوز الربح اليوم حاجز دولارين، فضلًا عن انخفاض نسبة المبيعات 80%، ويترافق كل هذا مع الوضع الأمني المتردي، وتكاليف التشغيل من أجرة العمال والمحل وغيرها”.

فرق الأسعار أجبر الناس على “البالة”

لا مجال للمقارنة من ناحية السعر بين الصنفين، يجيب علاء عبد الكريم، الذي يملك بسطة لبيع ألبسة “البالة” في أسواق إدلب.

وبلهجة عامية إدلبية يقول لعنب بلدي، “يا خاي أشو عم تحكي في فرق بين السما والأرض، من شو بتشكي الكنزة المستعملة حقها 500 ليرة، وخليها تكلف 100 ليرة غسيل بترجع جديدة، بسعر بوط ماركة بتشتري لكل العيلة تياب كاملة”.

رغم غلائها لها زبائن

من جهة أخرى، يرى غالب السويدي، وهو شاب من مدينة إدلب ويعمل في مجال الاتصالات والإنترنت، أنه لا غنى عن ألبسة الماركة رغم غلاء سعرها.

وبرأي السويدي، تبقى هذه الألبسة أفضل، لأن قطعة واحدة منها تبقى لسنوات، بينما سيضطر لشراء قطعة كل شهرين في حال كانت رديئة.

“معظم الناس يعتقدون أن ألبسة الماركة للتباهي فقط، لكن من جربها يعرف الفرق مع الزمن وعلى المدى البعيد، صحيح أنني بثمن قطعة ماركة أستطيع شراء عشر قطع بالة، لكنها ستهترئ جميعها بسرعة”، يوضح السويدي.
تختلف وجهات النظر حول جودة أصناف الملابس في إدلب، ومجاراتها للظروف العملية التي يمر بها المجتمع، لكن لكل شيء ميزاته وعيوبه، ويبقى القسم الأكبر من الناس متحيزًا لألبسة “البالة” كحل مثالي في وضعهم الحالي، بينما تبقى أزمة الماركة جاثية على قلوب بائعيها منتظرين فرجًا قريبًا يحيط بهم ويرجعهم إلى الأيام الخوالي.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة