عنب بلدي – خاص
دخلت العملية العسكرية التركية على عفرين أسبوعها الثاني، ورغم عدم تحقيق نتائج كبيرة على الأرض من جانب “الجيش الحر”، إلا أنها وضعت “وحدات حماية الشعب” (الكردية) أمام خيارين، الأول تسليم المنطقة بشكل كامل للنظام السوري، أو المواجهة التي يقابلها إصرار تركي على الاستمرار في المعركة التي دعمتها عدة قوى دولية.
تطورات سياسية وعسكرية شهدتها الأيام الماضية تمثلت بدعم أمريكي روسي لتركيا في عمليتها العسكرية، بعيدًا عن توقعات القوات الكردية التي عولت على الداعم الأمريكي كرأس حربة من المفترض أن يدافع عنها في مختلف الظروف، وقابل ذلك خطة عسكرية من عشرة محاور، يحاول من خلالها الجيشان التركي و”الحر” تضييق الخناق، كخطوة أولى تماثل عمليات “درع الفرات” سابقًا.
في 22 كانون الثاني الجاري قال وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، إن تركيا أبلغت الولايات المتحدة قبل ضرباتها الجوية في سوريا ضد “الوحدات”، مشيرًا إلى أن واشنطن تتواصل مع أنقرة بشأن كيفية المضي قدمًا.
وأضاف ماتيس “كانت تركيا صريحة (…) لقد أبلغونا قبل شن الحملة الجوية التي كانوا يعتزمون القيام بها وبالتشاور معنا، ونحن نعمل الآن على كيفية المضي قدمًا”. |
كما أعلنت “الوحدات” رسميًا أن الجانب الروسي خذلها، ومنع قوات الأسد من التقدم لمواجهة “الجيش الحر” وتركيا في المنطقة.
وعلى خلفية هذه التطورات، اتجهت “الوحدات”، التي تعتبر العملية التركية “احتلالًا”، إلى النظام السوري ودعته للدخول إلى المنطقة لصد الهجوم، وذلك بعد الإعلان عن وصول تعزيزات له من المنطقة الشرقية مرورًا بمناطق يسيطر عليها في ريف حلب الشرقي.
هل يدخل النظام إلى عفرين؟
في بيان لـ “الإدارة الذاتية في عفرين” التي تتبع “الوحدات” لها، الخميس 25 كانون الثاني، قالت “ندعو الدولة السورية للقيام بواجباتها السيادية تجاه عفرين وحماية حدودها مع تركيا من هجمات المحتل التركي”.
وأضافت في البيان “لم تقم (الدولة) بواجبها حتى الآن على الرغم من الإعلان عنه بشكل رسمي، ونشر قواتها المسلحة السورية لتأمين حدود منطقة عفرين”.
وسبق أن دار الحديث عن تسليم المنطقة للنظام السوري قبل أيام من بدء العملية العسكرية، واستند حينها المحللون على اعتبار المنطقة مفتوحة على مناطق سيطرة النظام، إضافةً إلى أن “الوحدات” ترفض أن تسمح للأتراك بالدخول، وتفضل النظام السوري على خلفية العداء مع تركيا الممتد منذ عشرات السنين.
وحتى اليوم يتأرجح المستقبل العسكري لعفرين، سواء بقرار “حازم” من جانب تركيا بالدخول إلى عمق المنطقة، أو السماح للنظام السوري بالسيطرة عليها ضمن اتفاق مع القوات الكردية.
وبحسب المحلل السياسي التركي محمود عثمان، فإن فكرة تسليم عفرين للنظام السوري هي “إيرانية بامتياز”، تحاول من خلالها إيران عرقلة التقدم التركي، واعتبر أنه مع اقتراب وضع القضية السورية على سكة الحل السياسي تحاول الدول أن ترسم مناطق نفوذها في سوريا.
وقال لعنب بلدي إن الأتراك اتخذوا تدابيرهم لمثل هذا الاحتمال، إذ لا يمكن أن تدخل تركيا في عملية عسكرية ثم يأتي طرف إقليمي آخر ويسحب البساط من تحتها نهائيًا.
وتسير العمليات العسكرية على الأرض بشكل بطيء، ووفقًا للخطة المرسومة، يسعى الجيش التركي إلى التطويق الذي يفضي إلى ضغط على “الوحدات”، وصولًا إلى الخروج من المنطقة ضمن اتفاق أو استسلام.
وشبه عثمان عمليات الجيش التركي حاليًا بالمعارك السابقة في “درع الفرات”، وتتضمن “أسلوب النفس الطويل واستنزاف الخصم، بعيدًا عن التقدم السريع”.
وأشار إلى أن عملية “تنظيف عفرين”، بحسب تعبيره، هي مطلب استراتيجي تركي، وتعتبرها تركيا حالة اضطرارية وليست هدفًا.
وفي حديث سابق مع المحلل العسكري، العقيد الركن خالد المطلق، قال إن تركيا أو غيرها لن تدخل إلى عفرين، بل سيتم تطويقها والضغط على “الوحدات” للانسحاب منها وفق اتفاق من الممكن أن يشمل تسليم مناطق يسيطر عليها “الجيش الحر”، كما تم تسليم حلب.
وقال المطلق لعنب بلدي إن النتيجة النهائية لعملية عفرين وصل مناطق “درع الفرات” مع الريف الإدلبي والحلبي، مضيفًا أن المعركة باختصار ستكون قطع جميع طرق الإمداد عن عفرين.
منبج تدخل الخطة
في الوقت الذي بدأت فيه القوات التحرك من محاور عفرين، دخلت مدينة منبج إلى الخطة التركية، بتصريحات أكد فيها الرئيس التركي، رجب طيب أدروغان، أن الهدف الأساسي للجيش التركي حاليًا مدينة منبج وصولًا إلى حدود العراق.
وقالت ثلاثة مصادر عسكرية من “الجيش الحر” لعنب بلدي إن الفصائل العسكرية تستعد لبدء المعركة باتجاه المدينة، وسط تجهيزات عسكرية تحضر لها حاليًا.
وأشارت المصادر إلى أن مركز المصالحة الروسي في منطقة العريمة بريف الباب الشرقي خرج من المنطقة، دون التأكد من الجهة التي توجه إليها.
وبحسب المحلل عثمان فإن “الوحدات” ستحاول الصمود حتى آخر لحظة في عفرين لتقايض بها عن منبج، وهو ما ستعمل عليه ليكون على أرض الواقع.
وأوضح أن “عفرين أمرها منته لجميع الأطراف بعد إعطاء الضوء الأخضر من قبل القوى الدولية، لكن منبج وما بعدها هو محل خلاف، إذ لم يحصل الأتراك على موافقة من جميع اللاعبين”.
واعتبر القيادي في “الجيش الحر”، مصطفى أبو حيدر، أن المعلومات التي روجت لها “الوحدات” في الأيام الماضية عن تسليم عفرين للنظام السوري “هي من باب الإعلام فقط”، فهي متحالفة مع أكثر من جهة دولية على خلاف مع النظام السوري.
واعتبر أن “الوحدات” لن تترك المنطقة بالسهل ودون قتال، وتشير الظروف الحالية إلى معارك “طاحنة وقوية” يقبل عليها “الجيش الحر” ومن خلفه تركيا في الأيام المقبلة.
وحتى الآن سيطرت فصائل “الجيش الحر” على قرى: شنكل، هاي أوغلو، عرساوا، كورني، بلي كوي، زهران، شيخ خروز، شمالي عفرين، إضافة إلى آدمانلي وبلال كوي وعمر أوشاكي، وتلال محيطة بقرية راجو، شمال غربي عفرين، وقرية حمام من محور جندريس، إلى جانب قرى شيخ وباسي ومرصو وحفتار في منطقة بلبل، وقرية بيسكي على محور راجو.