ضبطٌ للخارطة أم تشتيت للجهود؟
“مديرية الإعلام” في الغوطة تخلط أوراق العمل
عنب بلدي – محمد حمص
خلط تشكيل مديرية للإعلام في الغوطة، من قبل “القيادة الموحدة” التي تعمل في مناطق سيطرة “جيش الإسلام”، أوراق العمل الإعلامي في المنطقة، في ظل اتهامات ساقها ناشطون للفصائل، بأنها تعمل على ضبط العمل بما يتوافق مع هواها لا مع المصلحة العامة.
وأنشئت المديرية في 18 كانون الثاني الجاري، على يد “القيادة الموحدة”، التي تسيطر على قطاع دوما وريفها ومناطق المرج، على أن تعنى بشؤون العمل الإعلامي وضبطه، في ظل حديث عن محاولة “فيلق الرحمن” تشكيل كيان مشابه، ما يشتت الجهود ويفصلها، كما هي قطاعات الغوطة، وفق تعبير ناشطين.
أوكلت مهام إدارة المديرية للناشط الإعلامي أسامة العمري، وقال لعنب بلدي إنها تعنى بشؤون الإعلام في منطقة نفوذ “القيادة”، من حيث الحقوق والواجبات، مشيرًا إلى أنها “تعمل لتنظيم العمل الإعلامي ومتابعته بشكل قانوني، باعتباره سلاحًا ذا حدين”.
بينما اعتبر مازن الشامي، مدير”مكتب دمشق الإعلامي”، أنه في حال كانت “مديرية الإعلام” تعمل لمصلحة الغوطة فجميع الناشطين معها، مؤكدًا لعنب بلدي أنه “إذا كانت تصب في مصلحة فصيل معين فهي مرفوضة، لأن ذلك استحواذ على العمل الإعلامي”.
أجسام إعلامية فاعلة
رغم تشكيل المديرية تعمل أجسام فاعلة في الإعلام داخل الغوطة منذ سنوات، ومن بينها “رابطة الإعلاميين”، التي تشكلت نهاية عام 2014، إلى جانب “مركز الغوطة الإعلامي” و”مكتب دمشق الإعلامي” وغيرها.
وقال رئيس الرابطة براء أبو اليسر، في حديثه لعنب بلدي، إن إدارة الرابطة لم تدع إلى ما سمي بـ “المديرية” ولم تستشر بتشكيلها، مشيرًا إلى أنها “لا تعتبر منافسةً للرابطة”.
وعن علاقتها بـ “مديرية الإعلام” المشكلة حديثًا، قال العمري إنها “ستتضح خلال الأيام المقبلة، وسيكون للمديرية تواصل مع الرابطة للتنسيق بينهما”، واعتبر براء أن المنطقة لا تحتاج في المرحلة الحالية لأي جسم جديد بأي مسمى، “وخاصة أن الإعلاميين قطعوا شوطًا كبيرًا وانتقلت الغوطة من العمل المشتت إلى مراكز محددة تتعاون معها الرابطة”.
تأسست الرابطة كجسم نقابي لحماية حقوق الإعلاميين والاهتمام بتدريبهم وتطويرهم، وفق إدارتها، إلا أن البعض يرى فيها “الرقيب ذا الصلة بالفصائل لمنع التطرق لتجاوزاتها”.
وتضم حوالي 200 إعلامي، بينما يقدر العدد الاجمالي للناشطين والإعلاميين في الغوطة بحوالي 400 إعلامي، وفق إحصائيات غير رسمية.
وبحسب مدير “مكتب دمشق الإعلامي”، فإن الوكالات الإعلامية “تسعى لتصدير ما تراه هي لا ما يجري، ومن هنا ظهرت فكرة إنشاء المكتب وغيره من المنصات غير الملتزمة بمؤسسة أو كيان”، مشيرًا إلى أن “النشاطات الفردية والجماعية نشأت عنها أخطاء مهنية وخاصة فيما يتعلق بخصوصية المواطنين”.
المديرية تفرض تراخيص للعمل الإعلامي
ضمن قرار تشكيل المديرية فرضت تراخيص للعمل في مناطق نفوذ “القيادة الموحدة”، وأوضح مديرها أنها “ملزمة ومطلوبة، إذ لن يتمكن غير الحاصلين على تلك التراخيص من مزاولة أي عمل إعلامي”.
ودعا المراسلين الذين يعملون في الوكالات والجهات الإعلامية، إلى الحصول على الترخيص القانوني الذي يمكنهم من متابعة عملهم، معتبرًا أن ذلك “تأطير للعمل ضمن الإطار القانوني، والمتمثل بميثاق الشرف الإعلامي المتفق عليه ضمن اجتماع سابق مع إعلاميي الغوطة”.
إلا أن رئيس “رابطة الإعلاميين” رأى أن الإعلام “سلطة ناعمة يُمارس من خلالها الضغط المجتمعي”، مشيرًا إلى أن “الجهود يجب أن تستمر في سبيل الحفاظ على حرية الإعلام وعدم تبعيته بغض النظر عن المسمى”.
وأكد براء أنه “لا يمكن الحديث عن إدارة أو وزارة تضع معايير إعلامية، أو تصدر تراخيص للعمل الإعلامي، في ظل الانقسام الفصائلي عمومًا”، لافتًا إلى أنه “لا يستطيع أي تشكيل في سوريا أن يفرض آلية عمل إعلامية خارج نطاق نفوذه، وإن سعى إلى تشكيل أجسام فإن ذلك يعزز الانقسام”.
مشاكل العمل الإعلامي في الغوطة
كغيره من القطاعات، واجه الإعلام تحديات “كبيرة” في الغوطة، تمثلت بخلافات اعتقل إثرها إعلاميون على يد الفصائل، بينما فر آخرون بعيدًا عن سلطة تلك الفصائل إلى خارج الغوطة بوسائل مختلفة.
وبحسب العمري فإن “مديرية الإعلام” لن تحد من أي عمل إعلامي، “وإنما يهدف تشكيلها إلى الحفاظ على حقوق الإعلاميين وحمايتهم”.
بينما رأى رئيس “رابطة الإعلاميين” أن سبب المشاكل في القطاع الإعلامي، يعود للانتماء الفصائلي لدى البعض “وهذا ما تسبب بكثير من المشاكل بالنسبة للحرية والمصداقية، ما زاد التوتر والشرخ في مراحل كثيرة بين الفصائل، رغم محاولات التصدي له”.
وكانت الغوطة شهدت مرحلة من “التجييش الإعلامي”، كما أسماه ناشطوها، لا سيما خلال اقتتال الفصائل بين عامي 2015 و2016، وحينها علقت الرابطة عملها دعوة لإيقافه وعادت للعمل بعد ذلك.
ووفق ما قال مصدر مطلع (طلب عدم ذكر اسمه)، فإن “القيادة الثورية” المتمثلة بـ “فيلق الرحمن”، تعمل على تشكيل كيان إعلامي خاص بها لضبط العمل في مناطق نفوذها.
واعتبر ناشطون وعاملون في المجال الإعلامي، أن الالتزام مع الكيانات المشكلة وفق السلطة الحاكمة، “يعقد العمل ويحده ضمن محددات غير معروفة الهدف”.
ودعا معظم من التقتهم عنب بلدي إلى ضرورة تنظيم العمل وترتيبه، ووضع في أطر يسير الناشطون على أساسها، “لا سيما أن الغوطة باتت وحيدة في ريف دمشق بعد هدن ومصالحات في المناطق المحيطة”.
تشكلت القيادة الموحدة في الغوطة الشرقية، آب 2014، بعد اتفاق الفصائل الأربعة الكبرى في المنطقة حينها متمثلة بكل من: الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، فيلق الرحمن، جيش الإسلام، وحركة أحرار الشام، بقيادة زهران علوش.
وانبثق بعد تشكيل القيادة كيان إعلامي رديف تحت مسمى “رابطة الإعلاميين”، إلا أن “فيلق الرحمن” و”الأجناد” علقا عضويتهما على خلفية اتهامات لعلوش، وبقيت الرابطة كيانًا قائمًا حتى اليوم، رغم أنه لم يحظ بقبول وتوافق جميع الإعلاميين.
كما بقيت “القيادة الموحدة” تحت سيطرة “الجيش”، بينما أسس “فيلق الرحمن”، في تشرين الثاني 2017، كيانًا آخر بشراكة مؤسسات مدنية ومحلية تحت مسمى “مجلس القيادة الثورية”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :