ماذا سنربح من معركة عفرين؟ لاشيء

  • 2018/01/28
  • 12:12 ص
محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

لربما كان الموقف التركي خلال سنين الثورة السورية الطوال هو الأكثر تقلبًا بين مواقف الدول المنخرطة في الشأن السورية، وهذا التقلب والتردد كان سمة عامة لدى دول “أصدقاء الشعب السوري” بشكل عام، والتي وقفت تنتظر تحركًا لم يأت من أوباما المهتم فقط خلال فترة ولايته بإنجاز الاتفاق النووي مع إيران وتأمين انسحاب “آمن” للقوات الأمريكية من العراق، ولو عنى ذلك تسليم إدارة سوريا والعراق لإيران.

إلا أن الموقف التركي كان الأكثر ترددًا من هؤلاء، ولعل هذا نابع من أنها الدولة الوحيدة التي اتفقت مصالح روسيا والولايات المتحدة على محاربتها في سوريا، وقد تعزز هذا مع الحرب على تنظيم الدولة، التي حرصت الولايات المتحدة على ألا تستفيد تركيا ومن خلفها فصائل الثورة من نتائجها حتى لو صب ذلك في صالح الأسد وإيران، وهو ما كان.

لقد استطاع النظام السوري، وبدعم أمريكي مطلق، ليّ الذراع التركية في سوريا، من خلال دعم حزب العمال الكردستاني، العدو اللدود والتاريخي للدولة التركية، ولا شك أن مسؤولية المأزق التركي تقع على تركيا نفسها، التي رفعت سقف خطابها أضعاف مستوى فعلها الحقيقي، عدا عن اعتمادها ودعمها لفصائل أثبتت فشلها في أكثر من موضع مثل حركة أحرار الشام رحمها الله.

منذ أسبوع وخلافًا للتوقعات انطلقت عملية عسكرية ضد القوات الكردية في عفرين اختارت لها تركيا اسمًا فكاهيًا “غصن الزيتون”، وكما “درع الفرات” لم تكن للعملية أن تنطلق لولا ضوء أخضر لم يخفه الروس، وقد أضافت العملية بعدًا جديدًا على انقسام السوريين، المنقسمين أساسًا بين مؤيد ومعارض، وأمام هذه الفوضى العارمة يواجه المرء نفسه بالسؤال، كيف يجب النظر إلى هذه العملية؟ وما هي مصلحة الثورة والمعارضة منها؟

والإجابة بوضوح شديد: لا شيء تقريبًا، فمعركة الوحدات الكردية الوجودية هي مع تركيا وعليه فإنها ستسلم المنطقة عاجلًا أم آجلًا لقوات الأسد دون قتال بناء على تجارب سابقة، وحينها ستُحكم قوات النظام حصار إدلب ودرع الفرات من ثلاث جهات، وغالب الظن أن تركيا تفضل هذا الخيار الذي سيحقق المصلحة التركية بحد أدنى من الخسائر، فهي ستبعد حزب العمال عن حدودها بداية، وستقضي على أي أمل بتشكيل دولة كردية قابلة للحياة (دولة كهذه غير قابلة للحياة أساسًا ولكن الدعم الأمريكي أعمى البعض عن لعنة الجغرافيا)، أما التفاهمات التركية الروسية من تحت الطاولة وفوقها لتشكيل ممر من مناطق درع الفرات إلى إدلب، فلا يمكن التعويل عليها بهذا الخصوص، وقد أثبتت الأحداث أن تفاهمات كهذه تبقى مؤقتة سرعان ما تنهار.

معركة عفرين هي معركة تركية في الأساس إذن، ويتحمل مسؤوليتها بطبيعة الحال من استدعاها، وهو هنا حزب العمال الكردستاني الذي نقل معركته مع تركيا إلى سوريا، بعد أن استغل الحرب على الإرهاب مهاجمًا قرى ومدنًا عربية بغية إنشاء دولة على شكل كوريدور.

من الطريف أن صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي السابق كان قد صرح قبل معركة عفرين وبالتزامن مع هجوم النظام على إدلب، أن الوحدات الكردية تستعد لتحرير إدلب من “الإرهاب” بدعم من الأمريكيين انطلاقا من عفرين، ليباغته “إرهاب” إدلب بعملية عسكرية تهدف إلى تحرير عفرين من “الإرهاب” أيضًا. وهكذا ستبقى تدور رحى الحرب على الإرهاب حتى تطحن الجميع.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي