سوريا الدولة المتوحشة لـ ميشال سورا
يتألف كتاب “سوريا الدولة المتوحشة”، من مجموع المقالات التي كتبها الباحث الاجتماعي الفرنسي، ميشيل سورا، بين عامي 1975 مع حصوله على منحة باحث مقيم في المعهد الفرنسي للدراسات العربية في دمشق، حتى مقتله عام 1986، على يد منظمة “الجهاد الإسلامي”، التي أصبحت لاحقًا “حزب الله”.
كان سورا مدركًا منذ استلام حافظ الأسد للسلطة، أنه في مواجهة نوع خاص من الأنظمة التسلطية، فلم يسمح للدعاية التي اعتمدها النظام بخداعه، وبالرغم من أن الخلاصات التي توصل إليها باتت اليوم يقينية لدى معارضي النظام، إلا أنها شكلت سبقًا صادمًا في كشف آليات عمل النظام، الذي نجحت دعايته باستقطاب مؤيدين له داخل سوريا، والعالم العربي، وكثير من دول العالم.
حطم سورا بكتابته ما اعتبره كذبًا من النظام حول ادعائه محاربة إسرائيل، وإقامة نظام ممانع مقاوم يريد استعادة أمجاد العرب، وتحقيق كرامتهم، وبناء دولة تحمي حقوق أجيالها القادمة، وترافق كشفه هذا مع الحملة الشرسة التي قادها الأسد الأب على معارضيه في عموم سوريا، وحماة خاصةً في ثمانينيات القرن الماضي.
أما أهمية هذا المؤلف في الوقت الراهن، فتأتي من تحليله المتأني لطبيعة المجتمع السوري، بشتى طبقاته وفئاته، وتفكيكه لأسلوب تفكير النظام، ما يعطي وثيقة تاريخية غاية في الأهمية لفهم ما وصلت إليه سوريا اليوم، والطريق الذي سلكته منذ ما يزيد عن 40 عامًا.
لم يوفر سورا فرصة لتقديم تحليل دقيق وموضوعي للوضع في سوريا، من حيث اقترابه من الأرض إذ عاش متنقلًا بين سوريا ولبنان، ومن حيث اعتماده على مرجعيات فكرية عربية لفهم ما يجري حوله، ليوظف بمهارة ما قدمه ابن خلدون في نشوء الحضارات وانهيارها، من أجل فهم النظام السوري كما يراه العرب والسوريون أنفسهم، وليس كما قد يراه الغرب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :