عنب بلدي – خاص
أنهت حملة “أنا المستقبل”، التي نظمتها مؤسسة “شباب التغيير”، نشاطاتها في الشمال السوري، بعد شهرين من العمل على تحليل الواقع الاجتماعي في العديد من المدن والقرى، واقتراح الحلول للمشاكل السائدة، وخرجت بنتائج وتوصيات وجهتها إلى الجهات المعنية، وعلى رأسها المسؤولون عن العملية التعليمية.
استهدفت الحملة المجتمع في خمس مناطق: خان العسل، الأتارب، مدينة إدلب، معرة النعمان، وبلدة كفرسجنة. |
استمرت الحملة بدءًا من تشرين الثاني 2017، لتنتهي الثلاثاء 23 كانون الثاني الجاري، بحفل ختامي استعرض نتائجها، وفق منسقها علي الحلاق. وقال لعنب بلدي إن كوادر الحملة عملوا وفق منهجية “تقييم الواقع وتحليل المشكلة ثم اقتراح الحلول وتوزيع الأدوار وصولًا إلى مرحلة التنفيذ”.
واعتمدت استراتيجيتا السماع والتواصل بين المسؤولين عن العملية التعليمية وأولياء الأمور والطلاب والمجتمع المحيط، بحسب الحلاق، الذي أوضح أن الحملة شملت ورشات ونقاشات مفتوحة، بحضور ممثلين عن وزارة التربية والمديريات التابعة لها والمجالس المحلية والمنظمات والمعاهد والمدرسين.
تقييم المجتمع في خمس مناطق
حصلت عنب بلدي على نتائج الحملة وتقييم الواقع في المناطق المستهدفة، وأظهرت تباينًا في الأسباب التي زادت من تسرب الطلاب من كافة الفئات العمرية عن الدراسة.
ولوحظت في خان العسل أسباب مختلفة، على رأسها الفقر وعمل اليافعين والتجنيد وضعف المواصلات، إضافة إلى سلبية بعض المجالس المحلية والحالة الأمنية وضعف اعتماد الشهادات وجهل الأسرة والزواج المبكر.
إلى جانب قلة الكوادر والدورات غير المنظمة، والاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي، والتباين بين المدارس والتوقف المتكرر للتعليم وغياب الاهتمام بالمعلمين.
تلك الأسباب كانت سائدة في مجمل المناطق، إلى جانب أخرى اختصت بها كل منطقة، ففي الأتارب رصدت أسباب مثل فقدان المعيل والتجنيد والتركيز على دعم المرحلة الابتدائية دون غيرها، إضافة إلى تشتت الكليات، النزوح، العنف المتبادل بين الطالب والمدرس، والاستقطاب بين الحكومتين (المؤقتة والإنقاذ).
ووثق في إدلب ارتفاع التسرب في المرحلة الابتدائية، وضعف الوعي بأهمية العلوم لدى الأسرة، وضعف الكفاءة التعليمية، فضلًا عن تدخل الفصائل وانتشار “الغلو والتطرف” وتعدد الجهات المسؤولة، دون وحدة الهدف التربوي، وفق مخرجات الحملة.
وإلى جانب ما سبق، عانت معرة النعمان من غياب الدعم الأممي وضعف الرقابة والمناهج وتنافس السلطات وتعددها، وغياب المؤسسات التعليمية.
بينما وثق ضعف المتابعة من المجتمع والمؤسسات للعملية التعليمية في كفر سجنة، وتباينت الآراء حول المناهج، والمضايقات للإناث، وتزوير الشهادات.
نشاطات الحملة
نظمت الحملة خمس ورشات لأصحاب المصلحة، حضرها حوالي 200 شخص، وفق منسق الحملة، كما شملت خمسٌ أخرى 100 من أولياء الأمور.
وشملت 15 ورشة خلال 30 يوم تدريبي 1500 طالب وطالبة وعوائلهم، كما تضمنت الحملة 41 يوم عمل 100 زيارة ميدانية للحالات، وتوزيع بوسترات توعوية على 10 آلاف مستهدف.
وكنتيجة للحملة عاد أكثر من 30 طالبًا متسربًا بأعمار كبيرة إلى مقاعد الدراسة، من أصل 300 مستهدف، إضافة إلى دمج طلاب من المهجرين في المجتمع المضيف، وتوقيع تعهدات من أولياء الأمور بالسماح لأبنائهم بالاستمرار في التعليم، وفق الحلاق.
جملة من التوصيات تحدث عنها المنسق، شملت الاهتمام بالمعلمين والتنسيق من قبل مديرية التعليم وندوات التوعية، وطالبت باستقطاب استثمارات دعم القطاع التعليمي بالمشاركة بين المديرية والمجالس والمدارس، وتفعيل موارد المجتمع لدعم التعليم، إلى جانب تخصيص برامج دعم ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم.
وأوصت الحملة بضرورة الاطلاع على الواقع التعليمي في المخيمات واقتراح إحداث مدارس جديدة، فضلًا عن الالتزام بخطة تعليمية صحيحة واستخدام وسائل تعليمية حديثة، والاهتمام بإحصاء أعداد الطلاب وتحفيز الذين يعملون ويدرسون منهم في الوقت ذاته، من خلال التشبيك مع الجهات المعنية.
تحدث الحلاق عن مجموعة من التحديات وقفت أمام الحملة، تمثلت بالقصف والنزوح في أرياف حماة وإدلب وحلب، وضعف استجابة بعض أولياء الأمور، وصعوبة الوصول لتدريب الفتيات. |
واستطلعت عنب بلدي آراء مستهدفين من الحملة، وقال عدد منهم إن الورشات التدريبية أثارت تفاعلًا جيدًا بين الطلاب، كما أن الاستفادة كانت واضحة، إلا أن الأمر يعود في النهاية لرغبة الطالب وسعيه للتغلب على تسربه والعودة إلى مقاعد الدراسة.
علي حاج جاسم، ولي أمر طالبين متسربين من المدرسة، التحق أحدهما بجبهات القتال والآخر لم يلتحق بالمدرسة أبدًا، قال إن الحملة شكلت حافزًا لولديه، “لاحظت تصميمًا على العودة إلى الدراسة ونيل الشهادات”.
وتمنى والد الطالبين أن تستمر الورشات بشكل دائم، وأن تستهدف تدريبات أخرى أولياء الأمور “لتعريفهم بالطرق المثلى التي يجب على الأهالي اتباعها للتعامل مع أبنائهم الطلاب”.
ويطمح كادر الحملة إلى تكرارها في مناطق جغرافية أخرى، وفق الحلاق، إلا أنه لا برنامج واضح حتى اليوم.