بعد التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم، تبدو التشريعات الحالية، رغم محاولتها الإحاطة بكل ما يطرأ على المجتمع من متغيرات، قاصرة عن مواكبة هذا التطور، وتلبية حاجات المجتمع المتغيرة.
وفيما يتعلق بالمعاقبة على “الجريمة المعلوماتية”، فكثير من الناس يرتكبون هذه الجريمة، أو يكونون ضحيتها، بسبب جهلهم بتجريم القانون لهذه الأفعال، كما أن كثيرًا من الحكومات تتخذ إجراءات تندرج في إطار الجرائم الإلكترونية، خاصة في الشرق الأوسط وسوريا.
وزير العدل في حكومة النظام السوري، القاضي هشام الشعار، قال في حديث لصحيفة “الوطن” المقربة من النظام، أمس الخميس 18 كانون الثاني، إنه “لم تتم الإضاءة على قانون الجرائم المعلوماتية، نتيجة الظروف الحالية التي تمر بها البلاد”.
وأعلن، في نفس الحديث، عن تشكيل لجان لتعديل قانون أصول المحاكمات المدنية، المعدل عام 2016، وخاصة المادة المتعلقة بضرورة تبليغ القرار، للمدعى عليه، رغم حضوره جلسة النطق بالحكم، أمام محاكم الصلح والبداية المدنية، بشكل يساعد على تسريع إجراءات التقاضي.
الجريمة المعلوماتية في التشريع السوري
تعتبر سوريا، من الدول المتأخرة، على المستوى العربي، في المعاقبة على الجرائم المعلوماتية، فحتى عام 2000، كانت التشريعات الجزائية السورية خالية من أي إشارة إلى هذا النوع من الجرائم.
إلى أن وضع عام 2001 قانون حماية حقوق المؤلف رقم 12، فيما يتعلق بمبتكري البرامج الحاسوبية.
ثم صدر عام 2007 القانون رقم 26، الخاص بجريمة تعديل بيانات في سجلات الأحوال المدنية، فأضفى هذا القانون على السجل الإلكتروني للأحوال المدنية، حماية قانونية، عندما ساوى في العقوبة بينه وبين السجل المكتوب.
فعاقب هذا القانون، على جريمة إتلاف معلومات، في السجل الإلكتروني للأحوال المدنية، بالحبس من ثلاثة إلى ستة أشهر.
كما حدد عقوبة الدخول إلى بيانات السجل من غير الموظفين، وإضافة تعديلات، بالاشغال الشاقة من 3 إلى 5 سنوات.
وصدر عام 2011 قانون الإعلام الإلكتروني رقم 26، لينظم التواصل مع العموم عبر الشبكات، وضوابط الإعلام والنشر، الذي يتم عبر المواقع الإلكترونية.
وكان المرسوم التشريعي رقم 17 لعام 2012، آخر التشريعات التي صدرت بخصوص الجرائم المعلوماتية.
ما هي الجريمة المعلوماتية وفق تعريف القانون السوري؟
هي الجريمة التي ترتكب باستخدام الأجهزة الحاسوبية، أو الشبكة، أو تقع على الأنظمة المعلوماتية، أو الشبكة.
ويتضح من هذا التعريف أن الجريمة المعلوماتية، يمكن أن تكون الأنظمة البرمجية، الحاسوبية، أو الشبكات، هي أداة الجريمة، ويمكن أن تكون محل الجريمة.
وتأتي الجريمة المعلوماتية على أشكال عدة
1_ التغيير غير المشروع لمحتوى بيانات أحد المواقع الإلكترونية
2_ الدخول غير المشروع إلى حاسوب، أو منظومة معلوماتية، أو موقع ألكتروني.
3_ شغل اسم موقع إلكتروني، دون علم صاحبه.
4_ المنع قصدًا من الدخول إلى منظمومة معلوماتية، أو إلى موقع ألكتروني.
5_ تصميم البرمجيات الخبيثة، بقصد الإضرار بالأنظمة المعلوماتية، أو الشبكات.
6_ إرسال بريد واغل إلى الغير إذا كان المتلقي لا يستطيع إيقافه، أو كان استلامه يرتب عليه نفقات.
7_ قدح وذم شخصيات عامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو التعدي على خصوصياتهم، بنشر معلومات، حتى ولو كانت صحيحة.
8_ التصرفات غير المشروعة التي تقع على بطاقة المسبوقة الدفع، مثل التزوير، أو السرقة.
وتبدو تفاصيل القانون مثالية، إلا أن التنفيذ غالبًا يجيّر لتجريم المعارضين السوريين، ولا يعاقب موالي النظام، رغم الخطاب العنصري الذي يولد الكراهية في كثير من الحالات تجاه مناطق تسيطر عليها المعارضة.
مثال قصة الفنان مصطفى الخاني
وهذا ما يفسر إحالة الفنان مصطفى الخاني، إلى فرع الجريمة المعلوماتية، التابع لوزارة الداخلية، بعد أن نشر عبر صفحته على “فيس بوك”، قصة عن قيام ابن سفير سوريا في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، وهو والد طليقته، بالاعتداء بالضرب على أحد عناصر “الدفاع الوطني”، ودعا إلى محاسبته ومحاسبة والده.
واعتبر القضاء عمله نوعًا من أنواع الجريمة المعلوماتية، و”هي القدح والذم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ورواية أخبار كاذبة، وإضعاف الشعور القومي”، لأنها تمت بواسطة الإنترنت، أي أن الشبكة هي أداة الجريمة هنا.
الجرائم المعلوماتية الدولية
تكون الجرائم المعلوماتية أحيانًا ذات طابع دولي، وتكون إما بشكل طوعي في بلد ما، لديه أزمة سياسية مع بلد آخر، فيدخل أحد قراصنة هذا البلد، على مواقع حكومية للبلد الآخر، وينشر عبارات مستفزة.
كما حدث عندما دخل قراصنة أتراك إلى حسابات ألمانية، تعبيرًا عن استيائهم من سياسة ألمانيا.
وأحيانًا تكون جريمة منظمة من قبل الدولة، ضد المعارضين أو دول أخرى.
ومثال ذلك “الجيش السوري الإلكتروني” الذي اخترق حسابات شخصيات معارضة، كما اخترق عدة مرات مواقع لصحف بريطانية، مثل “الإندبندت” و”الديلي تلغراف”، ومؤسسات إعلامية أمريكية مثل “نيويورك تايمز”.
كما نشر عبر “تويتر” أنه تمكن من اختراق الموقع الرسمي للجيش الأمريكي.
وبالرغم من تعامل الولايات المتحدة بحزم مع هذه الجرائم إلا أن السلطات الأمريكية لم تتخذ أي إجراء ضد “الجيش السوري الإلكتروني”.
وبدأ “الجيش السوري الإلكتروني” يتلاشى منذ بدء التدخل الروسي في سوريا، وتقديم روسيا خدمات معلوماتية عالية للنظام، ما دفعه للاستغناء عن عدد كبير من أفراد “الجيش الإلكتروني”،