عنب بلدي – وكالات
بدأت ضربات التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا يوم الثلاثاء 23 أيلول، مستهدفةً عددًا من المقرات العسكرية للتنظيم وأخرى تابعة لجبهة النصرة، في حين سقط عددٌ من المدنيين جراء الغارات، ما أثار ردود فعلٍ لناشطين معارضين تندد باستهدافهم وتطالب بضرب الأسد “رأس الإرهاب” في المنطقة.
- الضربات بدأت
وبدأت الضربات الجوية فجر الثلاثاء بأكثر من 50 غارة إضافة لـ 47 صاروخ توماهوك انطلقت من قواعد عسكرية أمريكية في الخليج العربي، على مواقع في الرقة ودير الزور وريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أكثر من 15 مقاتلًا لجبهة النصرة في قرية كفردريان بريف إدلب بالإضافة إلى 10 مدنيين بينهم 5 نساء بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في حين أسفرت عن 70 قتيلًا من مقاتلي “الدولة” بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
واستكملت الضربات التي يشارك فيها كل من السعودية والبحرين والإمارات والأردن وقطر، على مدى الأيام الخمسة الماضية، لتشمل مقرات للدولة في الرقة ودير الزور وحمص، ومقرات لكتائب إسلامية في إدلب وحلب، ورغم أنه لا إحصائيات دقيقة لعدد القتلى في صفوف التنظيم نظرًا لتكتمه عليها، إلا أن واشنطن تصرح يوميًا أنها أصابت مقرات للدولة، وتبث تسجيلات مصورة لعمليات القصف.
- تركيز على آبار النفط
وأعلن البنتاغون، أن السعودية والإمارات العربية المتحدة وواشنطن، نفذت ليلة الأربعاء-الخميس قصفًا على مواقع لـ “الدولة” في محافظة دير الزور شرقي سوريا، شمل مصفاة نفطية يسيطر عليها التنظيم.
وقالت القيادة الأمريكية الوسطى في بيان لها، إن المصافي التي تم استهدافها “تنتج ما بين 300 و500 برميل يوميًا، وتدر عائدات بنحو مليوني دولار يوميًا يستفيد منها المقاتلون المتشددون”.
ولفت المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، إلى أن الضربات “طالت 13 هدفًا بينها 12 مصفاة في شرق سوريا”، مضيفًا أن النقاط المستهدفة “أصيبت بصواريخ أطلقها طيران التحالف، والواقع أن عدد طائرات التحالف في هذه العملية كان أكبر من عدد الطائرات الأمريكية”.
- 68 ألف دولار لكل ساعة طيران
وكشف وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل الجمعة، أن العمليات التي تنفذ في العراق منذ 8 آب وفي سوريا منذ الثلاثاء، تكلف الولايات المتحدة “ما بين 7 و10 ملايين دولار يوميًا”، لافتًا إلى أنه سيطلب من الكونغرس “تمويلًا إضافيًا” ما دامت العمليات مستمرة.
وكان البنتاغون قدر خلال الشهر الماضي كلفة العملية التي تجري في العراق، على الولايات المتحدة بنحو 7.5 مليون دولار يوميًا في المتوسط، إلا أن مسؤولي الدفاع يعترفون بأن هذا التقدير يبقى في “الحد الأدنى”؛ حتى أن قائد الجيوش الأمريكية الجنرال مارتن دمبسي، الذي كان حاضرًا إلى جانب هيغل الجمعة، توقع “مشاكل مالية” في الفترة المقبلة.
وفي الليلة الأولى من الضربات، أطلقت الولايات المتحدة 47 صاروخ توماهوك من على متن سفن، ونشرت طائرات مقاتلة من نوع F-22 فائقة التطور.
ويكلف كل صاروخ نحو 1.5 مليون دولار، وكل طائرة تكلف نحو 68 ألف دولار لكل ساعة طيران، ومع ذلك فإن هذه التكلفة لا تقارن بالتمويلات الضخمة التي أنفقتها الولايات المتحدة على حملاتها في العراق وأفغانستان خلال العقد الماضي، بحسب وكالة فرانس برس.
- فصائل جديدة على لائحة الإرهاب
وأعلنت الولايات المتحدة يوم الخميس إدراج عدد من القوى المحسوبة على التيار الجهادي في سوريا، على لائحة الإرهاب ومنها الحركتان العضوان في “جبهة أنصار الدين” وهما “جيش المهاجرين والأنصار” و”شام الإسلام” الّتي يقودها أجانب أغلبهم من المغرب العربي.
ويأتي القرار في الوقت الذي استهدفت فيه الضربات مقرات لحركة “أحرار الشام” بريف إدلب وأخرى لمقرات جيش المهاجرين والأنصار، وسط ترقب لضربات محتملة، بحسب مراسل عنب بلدي في جبال اللاذقية المطلة على القرى المستهدفة.
إلى ذلك، أدرجت الولايات المتحدة، 24 شخصًا وجماعة في قائمة الإرهاب، وضمت القائمة عمرو العبسي الزعيم الإقليمي لتنظيم “الدولة” في حمص بسوريا، والمسؤول عن عمليات الخطف، إضافة إلى مواطن فرنسي يدعى سالم بن غالم، كما شملت تصريحات وزارة الخزانة 11 شخصًا وجماعة الهلال الأحمر الأندونيسي، كإرهابيين عالميين، معتبرة الهلال “جناحًا إنسانيًا” للجماعة.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت قبل الضربات بأيام أنها ستستهدف مقرات لتنظيم “خراسان” الذي يشكل خطرًا أكثر من تنظيم الدولة، ويتواجد في أرياف حلب، رغم أن ناشطين معارضين نفوا أي تواجد لهذا التنظيم في سوريا.
- جبهة النصرة تتوعد بالرد
بدورها، توعدت جبهة النصرة، التي تقاتل ضد نظام الأسد وتنظيم الدولة إلى الآن، أمس السبت بالرد على الضربات الجوية التي استهدفت مواقع لها، وقالت إنها ستستهدف الدول العربية والغربية التي تشارك في الضربات، بحسب تسجيل مصور لأبي فراس السوري المتحدث الرسمي باسم الجبهة.
وقال أبو فراس السوري، “هذه الدول قامت بعمل شنيع سيجعلها في قائمة المستهدفين من قبل القوات المجاهدة في جميع العالم”، مضيفًا “نحن في حرب طويلة، هذه الحرب لن تنتهِ بأشهر ولا بسنة ولا بسنوات نحن بحرب ربما تطول عقودًا من الزمان”، معتبرًا أن هذه الهجمات لا تستهدفها فحسب، ولكن ترقى إلى “حرب على الإسلام”.
ويرى مراقبون ومحللون عسكريون احتمال انضمام النصرة إلى “الدولة” في حربها ضد “التحالف”، لأنها مهددة بالقضاء عليها من التحالف أيضًا ومدرجة على لائحة الإرهاب الأمريكية، إلا في حال تغيير واضح في قراراتها واستراتيجياتها.
- “المدنيون لا ينقصهم قتلة دوليون”
ولاقت الضربات تنديدًا من ناشطين معارضين، إذ أطلقوا تسمية “المدنيون لا ينقصهم قتلة دوليون” على جمعة 26 أيلول، خصوصًا وأن الضربات تسببت بمقتل عددٍ من المدنيين.
وشهدت حلب وأريافها وإدلب وريف دمشق عددًا من المظاهرات تطالب بضرب نظام الأسد “أصل الإرهاب في المنطقة” والميليشيات التي تسانده، الأمر الذي يوافق تصريحات عددٍ كبيرٍ من فصائل المعارضة حتى “المعتدلة” التي تتلقى تسليحًا من الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
- مناطق عازلة على الحدود التركية
وفي تطور ملحوظ قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات نُشرت أمس السبت، إن “القوات التركية قد تساهم في إنشاء منطقة آمنة في سوريا”، في حالة إبرام اتفاق دولي على إقامة ملاذ للاجئين الذين يفرّون من مقاتلي “الدولة”.
وفي طريق عودته من نيويورك، حيث شارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال أردوغان “المنطق الذي يفترض أن تركيا لن تشارك عسكريًا خاطئ”.
وأضاف إن “المفاوضات جارية لتحديد كيفية تنفيذ الحملة الجوية، واحتمال القيام بعملية برية، وتحديد الدول المشاركة”، مشيرًا إلى أنه “عند توزيع الأعباء ستضطلع كل دولة بدور معين، وستنفذ تركيا الدور المُناط بها، مهما كان”.
لكنه لفت إلى أن “العمليات الجوية وحدها لن تكفي”، إذ “لا يمكن القضاء على مثل هذه المنظمة الإرهابية بالغارات الجوية فقط؛ القوات البرية تلعب دورًا تكميليًا”.
يذكر أن نظام الأسد واجه الثورة الشعبية التي انتفضت ضده في آذار 2011 بالقمع، واستهدف المدن الخارجة عن سيطرته بالطيران الحربي والبراميل المتفجرة وصواريخ السكود، إضافة للكيماوي والغازات السامة، ما أسفر عن أكثر من 191 ألف شهيد بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، في حين قاتل تنظيم “الدولة” ضد كتائب المعارضة وسيطر على المناطق التي حرروها، ونفذ عمليات انتحارية في مقراتهم ما أسفر عن أكثر من 1000 شهيد في صفوف المعارضة، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.