الشرطة الحرة في مدينة حلب.. هل ستتمكن من تجاوز التحديات؟
هنا الحلبي – حلب
نشأت شرطة حلب في رمضان 2012، محاولة لضبط الأمن في المناطق المحررة، لكنها اليوم تتعرض لانتقادات واسعة بسبب عدم فعاليتها القوية على الأرض، لذا نحاول في هذا التقرير البحث عن أسباب هذه الانتقادات.
بدأ العمل من قبل ناشطين ومقاتلين في الجيش الحر، الذين ساهموا في حماية أحياء حلب الشرقية في 2012، بتشكيل “سرايا أمن الثورة”، وفق ما نقله محمد شيخ العشرة، رئيس مركز بستان القصر والكلاسة لعنب بلدي، وأضاف أن المؤسسة لم “تكن حينها تابعة لأي جهة ثورية، ثم بدأت هذه التجربة تنتقل لباقي الأحياء”.
بالتزامن مع ذلك شكّل مجموعة ضباط منشقين، وعلى رأسهم العميد أديب شلاف، قيادة للشرطة في المناطق الحرة بريف حلب في الأول من تشرين الأول 2012، لتنضم “مخافر المدينة” لها، ثم توالى تشكيل المخافر تحت هذه القيادة، حتى أصبح عددها 60 مخفرًا 8 منها في المدينة.
أبو محمد، أحد عناصر الشرطة (رفض التصريح باسمه الكامل)، تحدث لعنب بلدي عن المشاكل التي تعرض لها جهاز الشرطة، وأبرزها “الدعم الشحيح” .. “لا نملك السلاح ولا السيارات، فواجهنا مشاكل كثيرة مع الكتائب التي كانت تسيطر على الأحياء، خاصة في بداية عملنا عندما كانت الكتائب ما زالت متشرذمة وصغيرة، إذ لا تعترف بحق الاعتقال والمحاسبة إلا لنفسها ، وكل منها يمتلك قضاء خاصًا”.
لذلك بذل كل مخفر جهدًا مضاعفًا، للتنسيق مع الفصيل العسكري الذي يسيطر على منطقته “حتى يتوصل الفريقان إلى آلية للعمل والتعاون، أو حتى الاعتراف بالمخفر كجهة شرعية” بحسب أبي محمد.
لكن الجهاز بدأ يتطور قبل 8 أشهر، عندما بدأ يتلقى دعمًا من مجموعة دول أصدقاء سوريا، كما نقل أبو محمد، الذي أضاف “تحسن أداؤنا نسبيًا حيث زُودنا بالسيارات واللباس الموحد، لكن رغم ذلك لم نستلم أسلحة وبقينا بحاجة لدعم ومؤازرة من الجهات العسكرية”.
ولكن شيخ العشرة (رئيس مركز بستان القصر) كان له رأيٌ آخر في المشاكل التي تواجه الجهاز، إذ أوضح أن “الكتائب العسكرية وبعد مضي سنتين من دخولها لحلب، وتوحد غالبيتها تحت فصائل كبيرة وزوال الكتائب المسيئة وتلاشيها، لم يعودوا يعيقوا عملنا، بل على العكس، أصبحوا بحاجة لمن يحمل عنهم مسؤولية ضبط الأمن، مع تفاوت هذا الموقف من فصيل لآخر”.
وأردف شيخ العشرة “نحن كجهاز شرطة غير مؤهلين بعد لنقوم بهذا الدور ومازال ضبط الأمن يقع على عاتق الجهات العسكرية بشكل كبير”، مضيفًا أن السبب الرئيس في ذلك يعود إلى “سوء الإدارة، إذ نرى كعناصر سوء توجيه من الإدارة للدعم والأموال”، مشيرًا إلى “نقص في معدات هامة للتواصل كالقبضات”.
ويلفت شيخ العشرة بالمقابل، إلى “تنسيق كبير مع مجلس المحافظة ومجلس المدينة حتى أننا نسعى الآن لتشكيل شرطة عسكرية بالاتفاق مع الكتائب العسكرية”.
بدوره ردّ العميد أديب الشلاف قائد الشرطة الحرة، على ما قيل بحق الإدارة، وقال إن “الظروف التي نعمل بها تعيق الكثير من عملنا، فأولًا الوضع الأمني وظروف الحرب والقصف كانت سببًا في قلة العناصر البشرية، والمهنيين منهم تحديدً، لا سيما في المدينة دون الريف”.
بالإضافة إلى ذلك فإن “انتشار السلاح والفلتان الأمني ثم دخول داعش، أدى إلى نقص عدد المخافر”، في حين “تحكمت الدول الداعمة بنوعية الدعم ووجهته، وأعاقت الحكومة التركية إدخال بعض أجهزة التواصل”.
ولفت الشلاف في ختام حديثه لعنب بلدي، إلى “صعوبة التنسيق مع الكتائب، بسبب اختلاف عقلية المقاتل عن عقلية العمل المدني، وأضاف أن المخافر تتفاوت بجودة عملها خصوصًا في المدينة، نظرًا إلى عدم التحاق المنشقين بكل المخافر ليحل محلها المقاتلين الأقل خبرة في هذا المجال”.
هذا هو حال الشرطة الحرة بحلب، التي تتحدى الظروف الأمنية والمادية لتتمكن من الاستمرار وجعل الحياة في هذه الأحياء المنكوبة ممكنةَ.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :