قرآن من أجل الثّورة 136
عنب بلدي – العدد 136 – الأحد 28/9/2014
خورشيد محمد – الحراك السّلمي السّوري
عن النصر والفرج
أحالت حاجة هاجر للماء السراب إلى ماء، فجعلت تركض سعيًا بين الصفا والمروة دون يأس أو كلل إلى أن جاء الفرج تمامًا من الجهة التي لم تتوقعها، من رضيعها! الذي أخرج ماء عذبًا يرويهما ويحيل الوادي غير ذي الزرع إلى واحة تجبى إليها ثمرات كل شيء. في هذه القصة ثلاثة دروس مهمة عن النصر والفرج. أولًا، عن وهم الحاجات. من أكبر عوائق وعقبات النصر هي حاجاتنا وأهواؤنا، هي التي تجعل السراب حقيقة لنركض هنا وهناك دون أن يزيدنا ذلك إلا عطشًا. إن لم نفهم الغاية من الابتلاء والتجربة لن نتمكن من امتلاك أدوات التقييم السليمة لها، وبالتالي سنظل في عملية لهاث مستمر. ثانيًا، الابتلاء هو للتربية لا للنصر. إذا فهمنا أن الدنيا هي دار اختبار بين يدي الآخرة فالعبرة من أي ابتلاء ستكون بمقدار ما ترتب منها من تربية. لذلك فإن التطور الطبيعي للابتلاء هو تصاعده وسير الفرج الدنيوي والعمل الأخلاقي في اتجاهين متعاكسين بداية حتى تأتي التربية أكلها ويحصل الزهد والتجرد من النتائج مع الصبر والأخذ بالأسباب والاستمرار. ثالثًا، النصر من قلب الهزيمة. غالبًا ما يأتي الفرج من مَواطن لم نكن نلقي لها بالًا، كدور نعيم بن مسعود المحوري في معركة الأحزاب الذي لم ينتبه له الناس فقال له الرسول: إنما أنت رجل منا فخذل عنا ما استطعت! ومؤمن آل فرعون الذي دافع عن موسى من قلب البلاط وإسماعيل الرضيع الذي سقى أمه العطشى. هنا أهم نقطة وهي عدم إهمال أي فرصة وعدم هدر أي وقت حتى لو كان هامشيًا وفضلًا وحاشية ما دام لا يتعارض ويتنافس مع ما هو أهم وأولى، لأن النصر قد يكون كامنًا فيه، فاستغلالك لها علامة على وصولك إلى درجة الزهد في النتائج والتجرد. تلك الفرص حقيرة بمقاييس الدنيا لكنها عظيمة في مقياس التربية والقرب من الله والرضى. والمفاجأة أن الفرج غالبًا ما يكمن في تلك الزوايا الهامشية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :