يشهد المسار السياسي الخاص بالتسوية السياسية في سوريا تغيرات فرضها الجانب الأمريكي ضمن سلسلة خطوات، في رد على الدور الواسع الذي تحاول روسيا إقحامه كمسار أساسي.
ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” اليوم، الثلاثاء 16 كانون الثاني، عن مسؤول غربي أن هناك مؤشرين لـ “التفاؤل” بأن العام 2018 سيكون مختلفًا عن سابقه، وقد يؤدي إلى توفر ظروف التسوية السياسية.
أمريكا تفرض شروطها
ويتعلق المؤشر الأول بإدارة الرئيس دونالد ترمب التي انتهت من مراجعة لسياستها السورية بين المؤسسات المختلفة، وتوصلت إلى سلسلة من المبادئ، عمادها الأساسي الانخراط السياسي مع حلفائها الإقليميين والسوريين، إلى جانب التفاوض مع الروس، وتعزيز الوجود العسكري شرق نهر الفرات.
أما السبب الثاني يتعلق بالتفكير الروسي. وقال المسؤول “بات بعض المسؤولين الروس مقتنعين أن موسكو ليست قادرة وحدها على فرض التسوية السياسية على مزاجها”، لافتًا إلى أن أحد مؤشرات ذلك تأجيل موسكو مرتين موعد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، لعدم توفر شروط الدعوة والحوار.
ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون أتراك وروس وإيرانيون، في 19 من الشهر الحالي، لبحث قائمة المدعوين إلى سوتشي وجدول الأعمال.
وفي حال تأجل المؤتمر إلى 12 و13 من الشهر المقبل، يكون التأجيل الثالث لـ”سوتشي” ما يعزز شروط التفاوض بين تيلرسون ولافروف.
وبحسب الصحيفة، يجتمع وزراء خارجية خمس دول غربية- إقليمية في باريس، الثلاثاء المقبل، لإقرار “لا ورقة” أعدها نواب ومساعدو الوزراء الخمسة في واشنطن، الجمعة الماضي.
وتتضمن مبادئ الحل السياسي السوري، بحيث يقوم وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، بالتفاوض على أساسها مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، على أمل تحقيق تسوية واختراق في مفاوضات السلام التي تقرر عقد جولتها التاسعة في فيينا، 26 كانون الثاني.
قواسم مشتركة تنتظر التطبيق
ووفق ما يفرضه الواقع السياسي الحالي بدأت الدول المؤثرة في الملف السوري خلط أوراقها من جديد، قبل أيام من “مؤتمر الحوار الوطني” الذي تروج له موسكو منذ أشهر، لجعله المسار الوحيد للانتقال السياسي وتشكيل رؤية جديدة في المنطقة.
ويشهد الملف السوري تطورات متسارعة، وتشير معظمها إلى “فشل ضمني” للمؤتمر الروسي، وسط الحديث عن مرحلة جديدة يقبل عليها المسار العسكري والسياسي في سوريا.
واستضاف مساعد وزير الخارجية، ديفيد ساترفيلد، نظراءه من أربع دول هي بريطانيا وفرنسا ودولتان إقليميتان فاعلتان في منطقة الشرق الأوسط في واشنطن، الجمعة الماضي.
وتضمنت المناقشات بين ممثلي الدول الخمس البحث عن قواسم مشتركة، حيث تمت صياغتها في “لا ورقة” تناولت مبادئ الحل السياسي بناءً على اتفاق ترمب ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في تشرين الثاني الماضي.
وأوضحت الصحيفة نقلًا عن المسؤول أن الـ “لا ورقة” تتضمن مبادئ الحل وإصلاح دستوري لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية برقابة الأمم المتحدة، ودعم مفاوضات بناء على القرار “2254”.
إضافة إلى إصلاح أجهزة الأمن وتحسين أدائها، وفق معايير حقوق الإنسان، وإلى التأكيد على وحدة الأراضي السورية وسيادة سوريا.
لماذا فيينا؟
وبحسب المسؤول في حال أقر تيلرسون النسخة الأخيرة لـ “لا ورقة” مع نظرائه الأربعة، سيجتمع مع نظيره الروسي للتفاوض باعتبار أن الجانب الأميركي يملك أكثر من ورقة تفاوضية بينها الوجود العسكري شرق نهر الفرات، والتفاهم مع حلفائه الدوليين والإقليميين.
وأشار إلى أن دي ميستورا حدد موعد الجولة التاسعة في 26 من الشهر الحالي، وأنها ستعقد في فيينا، وليس في جنيف أو مونترو، لأسباب لوجيستية.
وتعزا الأسباب إلى “أن تشكل الجولة المقبلة اختبارًا لقدرة موسكو على ممارسة نفوذها على دمشق، لتحقيق تقدم في المفاوضات يمكن أن يؤدي إلى إنجاز في مؤتمر سوتشي واختراق يريده الرئيس بوتين قبل الانتخابات الرئاسية الروسية في 18 آذار المقبل”.
وتسعى أمريكا إلى تنسيق مواقف حلفائها الدوليين والإقليميين وراء دعم مفاوضات “جنيف” بناء على قرار مجلس الأمن رقم “2254”، بينما تجد روسيا صعوبة مع حلفائها بفرض مسارها، وبدأت درس تأجيل عقد مؤتمر سوتشي في 29 الشهر الحالي إلى منتصف شباط المقبل.