أياد تركية تعيد رسم خريطة اقتصاد ريف حلب

  • 2018/01/14
  • 11:21 ص

مدينة بزاعة بريف حلب الشرقي - 13 تشرين الثاني 2017 (عنب بلدي)

عنب بلدي – مراد عبد الجليل

تعيد أنقرة رسم الهيكلية الاقتصادية لمناطق ريف حلب الشمالي، بعد شنها عملية عسكرية تحت مسمى “درع الفرات”، دعمت من خلالها فصائل “الجيش الحر” لاستعادة المنطقة من تنظيم “الدولة الإسلامية” وانتهت في آذار 2017.

وبدأت الدول التي تدخلت في الملف السوري، سياسيًا أو عسكريًا، بعد سنوات من الحرب، بالبحث عن فاتورة دعمها لطرفي النزاع، إن كان النظام الذي دعمته روسيا وإيران وحصلا على اتفاقيات اقتصادية طويلة الأمد، أو حلفاء المعارضة التي تفتقر لدعم اقتصادي يمكنها من إعادة البنى التحتية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرتها.

وصاية تركية اقتصادية

بعد بسط الفصائل سيطرتها على ريف حلب الشمالي والشرقي، بدأت مرحلة إعادة التأهيل والإعمار بإشراف تركي على مستوى الخدمات كافة، فكانت البداية في إعادة فتح معابر بين تركيا وريف حلب، وهي ثلاثة: أولها كان معبر “باب السلامة” في 2016، ومعبر “جرابلس” في أيلول 2016، ومعبر “الراعي” الذي افتتح رسميًا كانون الأول 2017، ليكون أوّل معبر مدني تجاري مع تركيا شمال حلب.

تركيا عملت، بعد مرحلة تنظيم “الدولة”، على وضع خطط مستقبلية للمنطقة على مختلف الأصعدة، إن كانت أمنية عبر فرض الأمن في المنطقة وإلزام الفصائل بالتوحد ونقل مقراتها العسكرية خارج المدن، أو الاقتصادية عبر فتح المعابر ما أدى إلى انتعاش اقتصادي غير مسبوق في المنطقة، أو الخدمية عبر دعم المجالس المحلية وتأهيل المنشآت الخدمية والطبية وبناء المشافي والمدارس وتأهيل الطرقات وتعبيدها، وافتتاح أول فرع لمؤسسة البريد التركية (ptt)، وتركيب أبراج لشركات الاتصالات التركية.

تحليلات كثيرة صدرت حول هدف تركيا من الاهتمام بالمنطقة، فالبعض رده إلى إعمار البنى التحتية لعودة اللاجئين من أراضيها، والبالغ عددهم قرابة ثلاثة ملايين لاجئ، بحسب الأرقام الرسمية.

في حين اعتبر الباحث في المنتدى الاقتصادي السوري ملهم جزماتي، أن هدف تركيا هو تثبيت وجودها في المنطقة، ليس عسكريًا فحسب وإنما اقتصاديًا، من أجل كسب ملف إعادة الإعمار في المنطقة.

وحول التحليلات التي تقول إن تركيا تريد مستقبلًا ضم هذه المناطق إليها وإعادة الإمبراطورية العثمانية، استبعد جزماتي ذلك وأوضح أن أنقرة لو كانت تريد ذلك لعملت على رفع الحدود بين مدنها والمنطقة ورفعت تأشيرة الدخول على المواطنين السوريين، لكنها تريد فرض وصايتها على المنطقة فقط، كون لها مصالح استراتيجية فيها، وأهمها منع تشكيل دولة كردية موحدة على حدودها في المستقبل.

تأخر المشاريع الاستثمارية وغياب السوريين

بالرغم من مرور قرابة عام على انتهاء عملية “درع الفرات” وطرد التنظيم وعودة الأمن نسبيًا، ماتزال المشاريع الاستثمارية الكبيرة غائبة عن المنطقة، بحسب الناشط الإعلامي عبد القادر محمد، الذي أكد أن المشاريع عمومًا هي بسيطة كتأهيل المدارس وتعبيد الطرقات، لكن المشاريع الاستثمارية الضخمة التي تساعد على تشغيل الأيدي العاملة وتقلل من نسب البطالة غير موجودة حتى الآن.

إلا أن تركيا بدأت بالاستثمارات الكبيرة، إذ وقّع المجلس المحلي في مدينة قباسين التابعة لمنطقة الباب، الشهر الماضي، مذكرة تفاهم مع شركة “جوك ترك” للإنشاءات والبناء”، لإنشاء مشروع سكني في المنطقة، يحتوي على 225 شقة سكنية، وحوالي 30 محلًا تجاريًا على النمط التركي، وفق تصريح لجنة إدارة المشروع لعنب بلدي.

لكن الملاحظ في هذه المشاريع هو غياب رجال الأعمال والمستثمرين السوريين في المنطقة، إذ أعرب عبد المالك النهار، الحاصل على ماجستير اقتصاد والموجود في ريف حلب، عن استغرابه من عدم وجود رجال الأعمال الموجودين في الدول العربية وتركيا واهتمامهم بريف حلب، طالبًا منهم الدعم وتوجيه استثماراتهم سواء في المشاريع الصغيرة أو نحو المشاريع الكبيرة الضخمة الذي تخدم شريحة كبيرة في المجتمع، لأنها تحتاج إلى أيدي عاملة وبالتالي تحل مشكلة البطالة في المنطقة عامة.

الباحث الاقتصادي ملهم جزماتي أكد أن غرفة تجارة غازي عنتاب دعت أكثر من مرة رجال الأعمال السوريين إلى الاستثمار في ريف حلب، وتحاول دائمًا جمعهم ليكونوا أول من يستفيد في هذه المناطق والاستثمار بها، لكن لم توجد خطوات جدية من كلا الطرفين، سواء من رجال الأعمال السوريين الموجودين في تركيا أو من طرف الحكومة التركية.

وأشار جزماتي إلى أن عددًا من التجار تقدموا بطلب لغرفة التجارة برغبتهم بالاستثمار في جرابلس وإنشاء أعمال هناك، إلا أن الموافقة على هذه الطلبات لم تأت من قبل الجانب التركي.

كما أوضح جزماتي أن ثقة متبادلة أصبحت بين المواطنين مع تركيا بعد محاولة الأخيرة ترسيخ الأمن في المنطقة، إضافة إلى فقدان الشعب الإيمان بالسلطات الإدارية السورية الموجودة، وهي الحكومة السورية المؤقتة، أو السلطات التنفيذية التي لم تثبت فعاليتها على الأرض، بحسب تعبيره.

جزماتي أكد أن هناك دراسة رفعت إلى غرفة تجارة غازي عنتاب حول إمكانية نقل تجربة البلديات التركية إلى ريف حلب، إذ إن كل بلدية مستقلة تمامًا عن البلديات الأخرى ولها ميزانيتها الخاصة بها، وسط مطالبة من الحكومة التركية بنقل التجربة إلى المنطقة.

أبرز المشاريع التركية في ريف حلب

مشاريع سكنية

وقّع المجلس المحلي في مدينة قباسين مع شركة “جوك ترك” للإنشاءات والبناء التركية اتفاقية لإنشاء مشروع سكني يحمل اسم “ضاحية قباسين السكنية”، مؤلف من خمس كتل إسمنتية، ويحتوي على 225 شقة سكنية، وحوالي 30 محلًا تجاريًا، تمتاز بمساحات مختلفة، ومبنية على النمط التركي.

وتنقسم الشقق السكنية إلى نوعين، الأول بمساحة 90 مترًا مربعًا، ومؤلفة من غرفتين وصالون ومطبخ وحمام ومرحاض، والنوع الثاني تكون مساحة الشقة فيه 110 أمتار مربعة، ومؤلفة من ثلاث غرف وصالون ومطبخ وحمام ومرحاض.

وتتكون أرضية الشقق من الخشب وفق النمط التركي، والجدران مطلية بالدهان البلاستيكي، ومعزولة عن الخارج، بينما يدخل الخشب والميلامين والحديد في تفاصيل الشقة الأخرى، وتقوم شركة “جوك ترك” بتنفيذ المشروع والإشراف عليه، بأيدي عاملة سورية حصرًا، ويستفيد منه أي مواطن سوري يرغب بالإقامة في قباسين، بحسب لجنة الإدارة لعنب بلدي.

أما الأسعار فتتعلق بمساحة الشقة وموقعها، وتتراوح بين 14 ألفًا و400 دولار، إلى 18 ألفًا و700 دولار، وفيما يتعلق بالدفع فيعتمد المشروع على نظام الأقساط على أربع دفعات رئيسية، بين كل دفعة وأخرى خمسة أشهر، والباقي يكون على شكل أقساط شهرية، ويتم تسليم الشقة بعد 15 شهرًا من تاريخ المباشرة بالمشروع وفق اللجنة.

قطاع التعليم

عملت تركيا على دعم المدارس في مختلف مدن المنطقة، وتركز على تقديم المستلزمات والتجهيزات الدراسية، من كتب وقرطاسية ومقاعد، إضافةً إلى تجهيز أبنية للمدارس.

وقال مدير قسم “التعليم المستمر” في وزارة التعليم التركية، علي رضا ألتونال، في نيسان العام الماضي، إن تركيا تتولى تجهيز وتشغيل المدارس في عدة مناطق في سوريا خاصة في مناطق عملية “درع الفرات”.

كما أقرت المكاتب التعليمية التابعة للمجالس المحلية في المنطقة، في أيلول الماضي، إدراج اللغة التركية ضمن المناهج التعليمية.

كما أعلنت دائرة “تعليم مدى الحياة” التابعة لوزارة التعليم التركية، في آب الماضي، إجراء دورة تأهيل خاصة بالمعلمين العاملين والراغبين في التعليم داخل المنقطة.

القطاع الصحي

قدمت تركيا دعمًا لقطاع الصحة عبر إصلاح وتوسيع المستشفيات في المنطقة وترميم عدة مراكز صحية منها مركز احتيملات وصوران ومركز بلدتي دابق والراعي، كما قررت بناء مشفى كبير، في مدينة الباب تحت إدارتها وتنظيمها، وسيكون الأكبر في المنطقة حاليًا، ويتسع لنحو 200 سرير، بحسب صحيفة “ملليت” التركية.

مدير المكتب الإعلامي في مجلس مدينة الباب، عمار نصار، أكدّ لعنب بلدي أن الحكومة التركية ستتكفل ببناء المشفى، الذي سيحوي كافة الاختصاصات الممكنة، ودفع رواتب موظفيه، منوهًا إلى أنها تفعل ذلك مع موظفي بقية القطاعات والمؤسسات الموجودة في المدينة، من الكهرباء والماء والنظافة وغيرها.

وإلى جانب ذلك افتتحت أكاديمية باشاك شهير التركية فرعًا لها في مدينة الباب السورية، في كانون الثاني الماضي، كما افتُتح في منطقة جرابلس أول فرع لمؤسسة البريد التركية (ptt)، في تشرين الأول الماضي، وبدأ بتقديم الخدمات البنكية والاتصالات.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية