“سوتشي” في طريقه للفشل دون أمريكا
عنب بلدي – وكالات
عاد الحديث عن إمكانية حدوث صدام روسي- أمريكي في سوريا، بعد التصريحات الأخيرة من قبل مسؤولي البلدين حول المسار السياسي، الذي تحاول روسيا التفرد به وإبعاد واشنطن الرافضة لذلك، ما ينذر بتوتر العلاقات بينهما.
الصدام بين الطرفين ليس حديثًا، إذ شهدت سنوات الثورة السورية توترًا في العلاقات بينهما، إن كان في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، أو الرئيس الحالي، دونالد ترامب، الذي يسعى إلى إعادة “الهيبة الأمريكية” إلى الساحة، بعد تراجعها على يد الرئيس السابق نتيجة طريقة تعاطيه مع الشأن السوري، والتي سمحت بظهور روسيا كرقم أول في معادلة الشرق الأوسط.
اتهام ضمني روسي لواشنطن باستهداف حميميم
الأسابيع الماضية شهدت تصريحات إعلامية بين مسؤولي الطرفين حول الانتصار على تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا، وأحقية كل طرف بإعلان النصر، خاصة بعد زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لقاعدة حميميم العسكرية، الشهر الماضي، وإعلانه النصر على التنظيم من هناك، ليخرج ترامب مباشرة ويعلن أن بلاده حققت انتصارًا على التنظيم أيضًا في سوريا والعراق.
الصدام بين الطرفين اقتصر فقط على التصريحات السياسية دون صدام عسكري إن كان على الأرض أو في الأجواء السورية، لوجود بروتوكول بينهما لتنسيق الطلعات الجوية، والذي جاء بعد جولات تفاوضية سابقًا، لكن الهجوم على قاعدة حميميم الروسية، الأسبوع الماضي، من خلال طائرات مسيّرة عن بعد تحمل ذخائر فتح باب التساؤلات حول الطرف المسؤول.
الهجوم لم تتبناه المعارضة أو أي جهة قريبة من محافظة اللاذقية، إلا أن روسيا اتهمت الفصائل العسكرية الموجودة في مدينة إدلب، وسط تحليلات متباينة تحدثت عن أياد أمريكية أو إيرانية وأخرى تركية، لكن الرئيس الروسي أكد أن “كلًا من العسكريين والقيادة والدولة في تركيا لا علاقة لهم بهذا الحادث”، الذي يهدف إلى تدمير علاقات موسكو مع شركائها في تركيا وإيران.
بوتين قال إن “روسيا تعلم من هاجم القاعدتين الروسيتين، وأين ومتى جرى تسليم هذه الطائرات المسيّرة وكم بلغ عددها”، بعد تلميح إلى أن المواد المستخدمة في الهجوم تصنع في أوكرانيا، ما اعتبره محللون اتهامًا ضمنيًا لأمريكا بوقوفها وراء الهجوم، خاصة وأن واشنطن لن تسمح لموسكو بسط سيطرتها والتفرد بالحل السياسي في سوريا ووضع يدها على الاقتصاد وإنشاء قواعد عسكرية لعشرات السنين.
سوتشي فاشل دون أمريكا
أما مسار التسوية السياسية الخاص بسوريا فشهد تضاربًا أمريكيًا- روسيًا، بدأت بوادره بالظهور قبل انعقاد “مؤتمر الحوار الوطني” في سوتشي، الذي تروج له روسيا منذ شهرين وتسعى إلى عقده أواخر الشهر الجاري.
موسكو تحاول توجيه اهتمام الجميع إلى سوتشي واعتباره مهمًا لكافة أطراف النزاع في سوريا، والمخرج للأحداث عبر التوصل إلى حل سياسي بين المشاركين، وبالتالي فرض قرارات المؤتمر على الأمم المتحدة وإسباغ الشرعية الدولية عليه، الأمر الذي يجعل مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة في مهب الريح.
لكن برأي كثير من المحللين، فإن أمريكا لن تسمح بذلك، وهذا ما دفع وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد ساترفيلد، لإعلان أن الولايات المتحدة تعتزم القيام بخطوات بشأن سوريا عبر الأمم المتحدة باتجاه معاكس لمؤتمر الحوار الوطني.
وبحسب ما ذكرته صحيفة ”الشرق الأوسط”، السبت 13 كانون الثاني، فإن واشنطن استضافت، الجمعة الماضي، محادثات بين ساترفيلد ونظرائه في بريطانيا وفرنسا ودول إقليمية رئيسية لبحث احتمال عقد مؤتمر وزاري، ويأتي ذلك بعد أيام على زيارة وفد “هيئة التفاوض”، برئاسة نصر الحريري، الذي التقى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ومستشار الأمن القومي، هيربرت ماكماستر وساترفيلد، إذ انتقدت واشنطن مساعي موسكو لعقد مؤتمر سوتشي وإبعاد مسار جنيف.
روسيا اتهمت أمريكا بعرقلة المؤتمر وإفشاله، واعتبرت أن مثل هذه التصريحات تؤثر سلبًا على موقف المعارضة السورية، وتدفع مجموعات من المعارضة إلى عدم اتخاذ مواقف واضحة من المؤتمر، في إشارة إلى “الهيئة العليا للمفاوضات” التي حذرت من “خطر” يمكن أن يشكله مؤتمر “سوتشي”، على مسار مفاوضات جنيف المقرر انعقاد الجولة التاسعة منه في 21 الشهر الجاري.
وبالرغم من نفي روسيا مرارًا أن سوتشي وجنيف مرتبطان ببعضهما، إلا أن كثيرين يرون أن أمريكا لن تدع روسيا تنفرد بالحل السياسي في سوريا، وأن أي مؤتمرات لا تكون أمريكا حاضرة فيها لن تنجح كما أن أي قرارات ستتخذ خارج موافقة الأمريكيين لن تكون نافذة، وبالتالي انتهاء الصراع في سوريا مرتبط بتوافق وتفاهم روسي- أمريكي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :