الحكة الشرجية.. مشكلة شائعة ومزعجة
د. أكرم خولاني
قد تبدو مشكلة الحكة الشرجية وكأنها مشكلة صغيرة تسبب الإحراج الاجتماعي للذين يعانون منها، لكنها في الحقيقة مشكلة مزعجة جدًا، وقد تكون علامة على وجود مرض ما يجب علاجه، لذلك فمن الضروري معرفة سببها وعلاجه بالطرق المناسبة.
والحكة الشرجية هي إحدى الشكاوى الأكثر شيوعًا بين الناس في العالم، إذ إن حوالي 45% من الناس يشكون منها في وقت ما من حياتهم، كما تشير الإحصائيات إلى أن الرجال هم أكثر عرضة للإصابة من النساء بأربعة أضعاف تقريبًا، لكن الأشخاص الذين يرتدون ملابس داخلية ضيقة أو مشدودة، أو ذوي الوزن الزائد، أو الذين يعرقون بغزارة، هم كذلك أكثر عرضة للإصابة، بغض النظر عن كونهم كبارًا أو صغارًا، ذكورًا أو إناثًا.
ما أسباب الحكة
تعرف الحكة الشرجية بأنها وجود رغبة قوية لحك الجلد حول فتحة الشرج، وهي في واقع الحال عرَض لوجود أحد الأمراض أو الاضطرابات، وليست مرضًا بحد ذاتها، وهناك عدد من الأسباب التي تؤدي إلى حدوثها، وهي تشمل:
أولًا: أسباب غير مرضية، وتكون الحكة نتيجة تهيّج جلد تلك المنطقة من الجسم:
- وجود بقايا من البراز على الجلد الخارجي لفتحة الشرج بسبب عدم التنظيف الجيد لتلك المنطقة بعد الفراغ من إخراج الفضلات، وهذا هو السبب في غالبية حالات الحكة الشرجية.
- الرطوبة الزائدة في منطقة الشرج، بسبب غسل المنطقة وعدم تجفيفها، أو بسبب التعرق خاصة مع عدم الاهتمام بإزالة الشعر الزائد، أو الجلوس لفترات طويلة.
- نوعية محتويات الوجبات الغذائية، مثل تناول الأطعمة المحتوية على التوابل والبهارات الحارة، أو الشوكولا، أو الحمضيات، أو البندورة، أو حبوب فيتامين “سي”، أو مشروبات الكولا أو الشاي أو القهوة، أو الحليب، أو المشروبات الكحولية، خاصة النبيذ والبيرة. وعادة فإن الأعراض في هذه الحالات تبدأ عادة ما بين 24 إلى 36 ساعة بعد التناول.
- المعالجة بالمضادات الحيوية، فبعض المضادات الحيوية القوية يمكنها تحفيز إثارة الرغبة في حك منطقة الشرج من خلال عملها على إحداث نوع من الاختلال في النظام الطبيعي لمكونات بيئة الأمعاء من الجراثيم الصديقة والجراثيم المرضية مما قد ينشأ عنه اضطراب في نوعيات الجراثيم أو الفطريات هناك.
- تعرض منطقة فتحة الشرج لمواد كيميائية مهيجة، ومن أهم تلك المواد هي العطور أو الصبغات في بعض الأنواع المعطرة أو الملونة لأوراق التواليت، وكذلك بخاخات التنظيف النسائية المعطرة، أو مزيلات العرق المعطرة المخصصة للاستخدام في المنطقة المحيطة بفتحة الشرج أو الأعضاء التناسلية، أو الصابون، وحتى أنواع من الكريمات أو المراهم أو التحاميل الدوائية المستخدمة لمعالجة حالات من أمراض تلك المنطقة.
- التنظيف الشديد لفتحة الشرج بالدلك والفرك، خاصة بالصابون أو غيره من المنظفات القوية.
- الجلد الجاف، والذي يحدث بسبب الشيخوخة الطبيعية للجلد.
ثانيًا: أسباب مرضية، تشكل النسبة الأقل من الأسباب، وليس بالضرورة أن تكون مقتصرة على فتحة الشرج، بل قد تطال مناطق أخرى من الجهاز الهضمي أو الجسم، ومنها:
- وجود أمراض موضعية في الأجزاء السفلية للجهاز الهضمي، مثل البواسير، والقطع الجلدية الملتصقة على سطحه، وناسور المستقيم، وتشققات أو شقوق المستقيم، والتهابات الكولون، وفي حالات نادرة نتيجة وجود سرطان فتحة الشرج أو المستقيم.
- عدوى الميكروبات لفتحة الشرج أو الأجزاء السفلى من المستقيم، سواء فيروسات أو جراثيم أو فطريات أو طفيليات والديدان أو الحشرات كالجرب والقمل.
- أمراض جلدية في منطقة الفتحة الشرجية، مثل الصدفية، أو الأكزيما، أو حالات السيلان الدهني أو الزهمي والتي يزداد فيها إفراز مادة الزهم الدهنية من الغدد الدهنية للجلد، وهي حالات قد تصيب مناطق أخرى من الجسم، إضافة إلى منطقة الفتحة الشرجية.
كيف يشخص سبب الحكة الشرجية؟
- يتطلب التشخيص استجوابًا دقيقًا للمريض عن محتوى الأطعمة التي يتناولها، والأدوية التي يستخدمها، وعن طريقة تبرزه، وكيفية تنظيفه لفتحة الشرج بعد التبرز، وعن أي إصابات مرضية لديه كالبواسير أو التهابات الكولون أو الصداف أو الأكزيما.
- ثم الفحص السريري لمنطقة الشرج، وإجراء مس شرجي بالإصبع، إضافة لفحص باقي جلد الجسم لنفي وجود أمراض جلدية مسببة.
- وقد يتطلب الأمر فحص عينات من البراز لنفي وجود عدوى بالديدان أو الطفيليات أو الفطور.
كيف يتم العلاج؟
يعتمد العلاج على التخلص من المسبب، وبشكل عام باستثناء الحالات المحددة التي يوجد فيها أمراض في المستقيم أو فتحة الشرج المتطلبة لعلاجات محددة، فإن غالبية الحالات يمكن التخفيف منها باتباع وسائل صحيحة بالعناية بتلك المنطقة من الجسم، وتشمل غسلها جيدًا بالماء بعد كل تبرز ثم تجفيفها بالكامل برقة ودون دلك أو فرك، ودون استخدام أنواع معطرة من ورق التواليت.
ويفضل استخدام فوط قطنية نظيفة، أو حتى استخدام أجهزة تجفيف الشعر بدرجات معتدلة من حرارة الهواء بدلًا من استخدام المحارم أو القطع القماشية التي قد تهتك أنسجة الجلد الملتهبة، وينصح بوضع قطعة من قماش القطن بين ثنيات تلك المنطقة لامتصاص ماء التعرق، كما أن ارتداء قفازات قطنية أثناء النوم قد يخفف من تأثيرات الحك اللاإرادي أثناء النوم.
ومن المهم مقاومة الرغبة في حك منطقة الشرج مهما كان التهيج في تلك المنطقة، لأن الحك بذاته، وإن كان مريحًا بشكل مؤقت، إلا أنه سيزيد من الرغبة في مزيد من الحك لاحقًا، ما سيطيل أمد المعاناة، ومن المفيد في منع الرغبة بالحك الاستخدام الموضعي المنتظم لأحد الكريمات المحتوية على أكسيد الزنك أو مشتقات الكورتيزون بنسبة متدنية لا تتجاوز 1%.
ما مضاعفات الحكة الشرجية؟
قد يؤدي حك فتحة الشرج إلى تضرر الجلد حولها ما ينتج عنه:
- جلد سميك وقاس (تحزّز).
- جلد ملتهب ومتشقّق (تقرح).
- إزالة الطبقة العليا من الجلد (تسحج).
كيف يمكن الوقاية من الإصابة؟
- التنظيف الصحي لمنطقة الشرج، عن طريق تنظيفها جيدًا بالماء بعد التبرز، وتجنب استخدام الصابون المعطر، والتأكد من تجفيفها بشكل كامل، وعدم استخدام ورق التواليت المعطر أو الملون، وعدم استخدام البخاخات المعطرة أو مزيلات العرق المعطرة لتلك المنطقة.
- الحرص على ارتداء ملابس داخلية قطنية غير ضيقة.
- عدم الجلوس في نفس المكان لمدة طويلة، لأنه قد يؤدي إلى تراكم الرطوبة أو العرق.
- الاهتمام بالنظام الغذائي، عن طريق تناول الأطعمة الغنية بالألياف والتي تمنع الإمساك كالفول والجزر والقرنبيط والحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات، وتجنب الأطعمة التي تزيد من الحكة الشرجية مثل التوابل والحمضيات والشوكولا والمشروبات الغازية والكحولية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :