ترى بعض الآراء العلمية أن الخيال هو من يقف وراء قدرة الإنسان على الإبداع، سواء كان في مجال الفن، كأن تنظر إلى النجوم في لوحة لـ “فينسنت فان غوخ “، أو تقرأ نظرية حول مفهوم الزمكان لـ” ألبرت آينشتاين”.
للخيال دور مهم في توسيع العالم من حولنا، لكن قدرة كل إنسان على التخيل تختلف بشكل واضح عن شخص آخر، وهو ما يفسره العلم بناءً على ثلاثة أنواع من الخيال، التي ترتبط بحياتنا اليومية، وفق مقال لموقع المنتدى الاقتصادي العالمي، ترجمته عنب بلدي.
الخيال الإبداعي
هذا النوع من الخيال يرتبط بالابتكارات والاكتشافات الكبيرة، مثل تأليف الموسيقى، أو التوصل لقانون طبيعي يفسر ظاهرة في الكون.
ويختلف هذا النوع من الإبداع، عن “الإبداع اليومي”، الذي نلجأ إليه في حياتنا الشخصية، لإيجاد حلول لمشاكل عائلية مثلًا.
الخيال الإبداعي هو نوع من الإلهام بعيد المنال، لذلك كانت فكرة تدريب الإنسان على بلوغه هدف أساسي للعديد من الفنانين والعلماء.
الشائع أن هناك بعض الشخصيات أكثر إبداعًا من الأخرى، إلا أن الأبحاث العلمية أشارت إلى إمكانية تعزيز الخيال الإبداعي في بيئة مناسبة، أو عن طريق التدريب والعمل الشاق.
وفي نتائج لتجارب سابقة، ظهر أن الأطفال الذين يتفاعلون مع محتوى إبداعي، ويشاهدون مبدعين آخرين، يصبحون في المستقبل أكثر إبداعًا.
ويشتمل الخيال الإبداعي على مرحلتين، الأولى تسمى “التفكير المتباعد”، وهو القدرة على التفكير بمجموعة واسعة من الأفكار التي ترتبط بشكل ما بموضوع أو مشكلة واحدة.
والمرحلة الثانية تسمى “التفكير المتقارب”، وهي مرحلة بطيئة، يسعى عقل الإنسان خلالها إلى الربط بين الأفكار لحل مشكلة ما، أو لخدمة موضوع معين.
وبحسب الأبحاث، فإن التجريب والتعلم والعمل لفترة طويلة بمجال معين يساعد صاحبه في الإبداع به، بشرط أن يكون جريئًا لارتكاب الأخطاء، ثم الانتباه لها، والاعتراف بها، لتطوير قدراته.
الخيال الخيالي
هناك أشخاص بحاجة إلى تخيل الأفكار المطروحة إليهم حتى يتمكنوا من تنفيذ مشروع ناجح، وهذا النوع من الإبداع يسميه العلماء “الخيال الخيالي”.
وتظهر هنا قدرة الإنسان على التخيل، والتعامل مع المشاهد في عقله وكأنها حقيقية، للاستفادة من الاحتمالات والافتراضات المتاحة.
وتنمية هذا النوع من التخيل لدى الأطفال يساعد على تحسين قدرتهم على التعلم والتذكر، لذلك تنصح بعض الأبحاث بتشجيع الأطفال على ألعاب يمكنهم استخدام خيالهم فيها.
الجانب السلبي الوحيد من هذا النوع، هو احتمال سقوط الإنسان في أحلام اليقظة، واستهلاك وقت كبير في التخيل فقط دون التحرك لتنفيذ شيء إيجابي مما تخيله، وفي حال الصدمات أو الحزم الشديد، قد تشكل قدرته على التخيل مهربًا من الواقع الذي يرفض الاعتراف به.
الخيال المتسلسل
يختلف الخيال المتسلسل عن الخيال الخيالي، باعتماده على أحداث عاشها الإنسان في الحقيقة، من خلال إعادة تذكرها ومعالجتها، واستخلاص نتائج معينة منها.
وتفيد هذه النوعية من التخيل في إعادة فهم الماضي والتصالح معه، والاستفادة منه لبناء المستقبل، لكن ليس من خلال تخيل النتيجة، بل من خلال تخيل الطريقة التي يجب أن يصل من خلالها الإنسان إلى النتيجة التي يريدها.
فبحسب التجارب، كانت النتائج الدراسية للطلاب الذين تخيلوا أنفسهم أثناء الدراسة التي سيحصلون بفضلها على علامات جيدة، أفضل من نظرائهم الذين تخيلوا أنفسهم يحصلون على هذه العلامات فقط.
بالعموم يتمتع جميع البشر بقدرتهم على استخدام الخيال، لكن تدريب هذا الخيال وتعزيزه، قد يرفع فرصهم بالقدرة على التفكير بأسلوب أكثر ذكاءً.