عنب بلدي – ريف حلب
ضاعت الوثائق الشخصية ومعاملات السجل المدني بين زحمة أوراق المزورين شمالي حلب، دون قيود تحد من تلك الظاهرة، وسط مساعٍ من الهيئات المدنية المعنية لتفعيل دائرة السجل المدني (النفوس)، التي يرون أنها الحل لمكافحة وإيقاف العشوائية.
يستعد المجلس المحلي لناحية أخترين في منطقة اعزاز، بريف حلب الشمالي، لافتتاح مبنى السجل المدني، ويقول محمد الحاج قاسم، مدير المكتب القانوني في المجلس، في حديثه لعنب بلدي، إن العمل لافتتاحه بدأ منذ تشكيل “محلي” أخترين، العام الماضي.
مطلع حزيران 2017 رفعت دراسة لإعادة ترميم مبنى “النفوس” القديم، الذي تضرر بفعل المعارك ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وفق الحاج قاسم، ويشير إلى أن ترميم المبنى بدأ بدعم من الحكومة التركية، وصولًا إلى أيلول من العام نفسه، الذي شهد مسابقة لتعيين موظفي دائرة السجل وفق شروط معينة.
ويخضع الناجحون في المسابقات لدورات تدريبية في الوقت الحالي، على أن يبدأ العمل به مطلع شباط المقبل، في انتظار وصول السجلات من تركيا، وفق مجلس أخترين.
سيطرت فصائل “الجيش الحر” على معظم المنطقة الشمالية والشرقية من حلب، في إطار عملية “درع الفرات” المدعومة تركيًا، والتي بدأت في آب 2016.
تسجيل الواقعات الطارئة
لدى تفعيل السجل المدني سيتوفر للمواطنين تسجيل كافة الواقعات الطارئة من زواج وطلاق ووفاة وولادة وغيرها، إضافة إلى استخراج بيانات فردية وعائلية وخدمات أخرى.
السعي لإعادة افتتاح “النفوس”، جاء في إطار “ملء الفراغ الناتج عن انعدام الدوائر والمؤسسات التي تصدر الوثائق للمواطنين، وبحسب الحاج قاسم، فإنه “من الضروري توفير الخدمات التي تتعلق بمنحهم الوثائق الضرورية ومتابعة المعاملات القانونية والإدارية والقضائية”.
كما أن موظفي السجل المدني سيعملون لإحصاء كافة المنازل، والتأكد من صحة المعلومات وتسجيلها في القيود “بشكل أصولي”.
“ضرر اجتماعي” بغياب الجهة الرسمية
اضطر الأهالي لتزوير البيانات العائلية والهويات والقيود العائلية، في ظل إغلاق السجل المدني، بحسب عبد السلام القاسم، من بلدة دابق، ويقول إن الشخص يستطيع حاليًا استخراج وثيقة شخصية بالمعلومات التي يرغبها، “وهذا مضر اجتماعيًا”.
ويرى الشاب أن افتتاح المركز، يسهل العمل ويحد من اللجوء إلى الأمور غير القانونية، مشيرًا إلى أن وقائع الزواج وغيرها خلال فترة الثورة، “لم تسجل بالكامل وكان الأمر مقتصرًا على الزواج العرفي عن طريق الشيخ، ولا شيء كان يثبت المهر والحقوق”.
ويشير عبد السلام إلى أن تسجيل الولادات “أهم من ذلك بكثير فالناس تزوجوا وأنجبوا مئات الأطفال خلال السنوات السبع الماضية، ولا أحد يعترف بزواجهم من حكومات رسمية”، لافتًا إلى أنه “ليست هناك قيود مدنية أو دفاتر عائلة تثبت شخصية أب وأم الطفل في حال رغب بالتسجيل في المدرسة”.
يتحدث أسامة المحمد من اعزاز في ريف حلب الشمالي، عن السجل المدني في أخترين حين دخول التنظيم إلى الناحية، ويقول إن الأخير أغلق المبنى، “منذ ذلك الوقت لم نعد قادرين على تسجيل أي شيء ولا الحصول على إخراج القيد الذي احتجته أكثر من مرة”.
أضر غياب السجل المدني الأهالي في ريف حلب، وفق رؤية أسامة، “كما أن الجانب التركي لا يمنح الإذن بدخول المريض إلا في حال كان يملك إثباتات شخصية، ما اضطر البعض للتزوير مرغمين”.
يقر أسامة بأن التزوير مضر للمجتمع بشكل عام، لافتًا إلى أن بعض الناس حصل على هويتين باسمين مختلفين، بينما هناك كثير من النازحين اليوم لا يملكون أي وثائق تثبت شخصيتهم، ويجب إيجاد حل لهذه المشكلة التي يمكن أن تتفاقم سلبًا على الوضع في المنطقة.