الدكاترة المجاهدون وحصاد الشر

  • 2018/01/07
  • 12:15 ص

إبراهيم العلوش

من كان يصدق بأن يطالب الإيرانيون بالموت لخامنئي؟

خامنئي، ذلك الطاغية المتأله، والحاكم الأبدي لمملكة الاستبداد الإيراني، تلك المملكة التي تخلط الديني بالقومي، وترفع شعارات أممية واشتراكية، في خلطة عجيبة وجديدة للنازية، والتي تنعكس موتًا وتشريدًا للشعب السوري، وغيره من شعوب في المنطقة تتجرع سموم شبيحة الملالي من الدكاترة المجاهدين، ومن الميليشيات الطائفية، حيث ينتشرون كالطاعون!

في عام 1978، قال الرئيس الأمريكي جيمي كارتر مخاطبًا حليفه شاه إيران: إن “بلدكم جزيرة استقرار وسط منطقة متقلّبة”. وفي العام التالي 1979، نزلت الجماهير الإيرانية بمئات الألوف تطالب بالحرية، وتندد بالظلم وبالاستبداد حتى سقط نظام الشاه، ولكن حل محله نظام استبداد ديني، فنظام ولاية الفقيه الذي قاده الخميني يستمد قيمه من القيم النازية مضافًا إليها عائدات النفط الهائلة التي تحولت إلى قنابل وصواريخ تضرب العراق وسوريا ولبنان واليمن بلا رحمة.

اليوم يهتز نظام ولاية الفقيه أمام الإيرانيين الفقراء والمنهوبين، ويرفع الأكاذيب التي تعلمها في تجربته السورية، كاتهام الشعب بالعمالة، والجهل بالمؤامرة الكونية التي يحيكها الأعداء وعملاؤه الخونة.. وما إلى ذلك من وخم شعاراتي، يقوم النظام السوري الآن بتصديره إلى الإعلام الإيراني. فالنظام الإيراني لم يستوعب حتى الآن صدمة المطالبة بالموت للخامنئي، رأس النظام، ومهندس ألاعيبه، وعراب المؤسسات المخابراتية، والشريك الأكبر لكل مؤسسات الاحتيال، والنهب المالي، في دولة بترولية تعتبر من أغنى دول المنطقة.

وإذا كان الشعب الإيراني يحتج على سعر البيض، وأسعار مواد الغذاء الأخرى، والوقود، ويحتج على الأوضاع المزرية حيث يوجد أكثر من عشرة ملايين إيراني يعيشون في بيوت من الصفيح، كما قال أحد المرشحين للرئاسة الإيرانية، ويحتج الشعب على الفساد، وعلى خنق المرأة، وتحويلها إلى حيوان اجتماعي بلا كرامة، وهو الذي يشبه النظم الداعشية ومشتقاتها، ويحتج أيضًا على تدخل نظام ولاية الفقيه في سوريا ولبنان وغزة واليمن، وكانت الشعارات واضحة وصريحة في رفض ضخ الأموال للجهات الخارجية، بدلًا من صرفها على الناس، وعلى احتياجاتهم، وعلى متطلبات رفاهيتهم.

الإيرانيون يحتجون أيضًا على مصير بلادهم، فقد كانوا يحلمون بأن تصير بلادهم مثل كوريا الجنوبية، بلد الصناعة والابتكار والرفاهية، وليس مثل كوريا الشمالية التي يصممها الملالي كمصنع للصواريخ والجوع والشعارات والأكاذيب التاريخية. وكل أحلام ملالي إيران تنحصر بالحصول على القنبلة النووية، لينشروا المزيد من الذعر في المنطقة، وليتشبّهوا بحاكم كوريا الشمالية الذي يتبجح بوضع زر القنبلة النووية على طاولة مكتبه، بينما شعبه يئن تحت الجوع والاستعباد.

الدكاترة المجاهدون الذين انتشروا كالوباء في أرجاء المنطقة، يحاولون استعادة أنفاسهم، ولملمة شملهم، أمام المفاجأة، التي لم يكونوا يتوقعونها حتى قبل ساعة واحدة من انفجار الوضع الداخلي في بلاد ولاية الفقيه، إذ كان النظام ينتظر ظهور المهدي بين ليلة وضحاها، بعدما بشّر به الرئيس السابق أحمدي نجاد (قذافي الخمينية)، ليقود دواعش إيران المتلهفين للدم وللخراب.

أيتام نظام ولاية الفقيه في المنطقة، وفي سوريا ولبنان خاصة، مايزالون صامتين، ومذهولين من وصول “المؤامرة الكونية” إلى داخل إيران، ومن قرب انحسار المد الإيراني الذي أشبعهم مالًا وغرورًا وتكبّرًا، ودرّبهم على الأكاذيب، واللؤم، وتوطيد النفوس على الحقد، الذي لا يحول ولا يزول أبدًا.

روسيا أيضًا لم تتوقع مثل هذه الثورة في إيران، ويهتز إعلامها من هول المفاجأة، وهي قلقة على حليفها الإيراني، والدفاع عنه سيثقل كاهلها، فالاستراتيجية الروسية في القرن الحادي والعشرين هي: حماية المستبدين ودعم استمرارهم، واحتقار الشعوب وتهجيرها إن تطلب الأمر ذلك. فهي اعتمدت هذا النهج وصار عقيدة سياسية، وأخلاقية، وعسكرية لها، منذ تدمير مدينة غروزني فوق رؤوس سكانها في مطلع هذا القرن.

هذه الثورة الإيرانية الجديدة يستبشر العالم العربي بها خيرًا، وهي ثورة لا تشبه انتفاضة 2009 في إيران، والتي نشبت بين المتشددين والإصلاحيين في الجدال حول تزوير الخامنئي وأحمدي نجاد للانتخابات، وكانت صراعًا بين جناحي النظام الديني الطائفي في إيران.

ثورة 2018 الإيرانية تشكل هزة عنيفة في داخل إيران، وداخل نفوس الملالي وشبيحتهم من الدكاترة المجاهدين، وتهز غرورهم، وانحيازهم للشر في سوريا، وتطالب بمحاسبتهم على ما يفعلونه من جرائم في سوريا، ومن صرف مليارات الدولارات لنصرة بشار الأسد، وكأنه المهدي المنتظر ضمن العقيدة الاستراتيجة لنظام ولاية الفقيه!

ونحن السوريين لن نعوّل إلا على استمرار جهودنا، وعلى تجديد قوانا لإزالة هذا النظام الأسدي الاستبدادي، ولن ننتظر هذه الدولة أو تلك، لتقوم عنا بما هو واجب علينا، ولكن هذه الهزة العنيفة هي بارقة أمل في مسيرتنا التي امتلأت بالمصاعب، وبالتحديات السوداء، وهي ثورة تزرع الأمل في نفوسنا، بعد أن قاربنا على اليأس، فالسوريون ورغم الثمن الكبير الذي يدفعونه كل يوم، مايزالون يحلمون بربيع الحرية الذي يعم على شعوب المنطقة، ويعاود بناءها من جديد خارج شعارات التدليس، والتدين الكاذب، والاستبداد، والتي سادت في المنطقة خلال المئة عام الفائتة.

الإيرانيون ينضمون إلى ربيع الحرية، ويرفعون علم الثورة السورية في احتجاجاتهم ويطالبون نظامهم بالانسحاب من سوريا، ووقف مشاركته بقتل وتهجير السوريين.. فأهلًا وسهلًا بهم، رغم أنف الشبيحة، ورغم أنف الدكاترة المجاهدين الذين يحتفون بالظلم وبالشر!

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي