يخرج الناس من بيوتهم صباحًا، يتمنون لأنفسهم نهارًا جميلًا وجوًا معتدلًا ووجوهًا مبتسمةً وأعمالًا ميسرة، لكن المواطن السوري بات لا يكتفي بقائمة الأمنيات هذه، أو لعله حذفها واستبدلها كليًا بقائمة جديدة، فهو يريد مقصدًا قريبًا وطريقًا آمنًا بعيدًا عن الاشتباكات، وحاجزًا ميسرًا سهلًا بعناصر «حبابين».
وبدل أن يتوقف عند إشارة مرورية كما تنص القوانين العالمية، بات وقوفه عند الحواجز الأمنية واجبًا يوميًا يستدعي صبره و «طولة باله» وابتسامته وهويته في جيبه، وذخيرة أمل لا تنقطع بانتهاء سيل السيارات أمامه، ومروره بخير عبر الحواجز المنتظرة.
وللحاجز طريقان، مدني وعسكري؛ تنتظر دورك عزيزي المدني على خطك الخاص، تراقب الخط العسكري بحسد، بل بحسرة، وترى السيارات الفارهة بأصوات أغان تنم عن هوية من فيها، كل سيارة تزاحم مجاورتها بعلو الصوت وهبوط الذوق.
يمد السائق يده بتحية، وورقة ما، تتمنى لو أنك تقرأ أي امتياز سجّل فيها، يجيبه العسكري بتحية أخرى ولهجة تتناسب وإيقاع أغنية جارك في الطابور المجاور.
تعاود النظر للسيارات التي تنتظرك، للمدنيين الحريصين على عدم إحداث أية ضجة، المارين برؤوس مطئطئة ونظرات خائفة لا يرجون سوى السلامة.
إلا أن الفارق بين معاملة العساكر بين الطابورين في بلد بات مقسمًا لفئتين مسيرًا بقانونين، تكال فيه الأمور بكفتين؛ وما بين خط مدني، وخط عسكري.. يُلخص الحكاية.