المقامر الروسي، والرهان على نظام الأسد
جريدة عنب بلدي – العدد 20 – الأحد – 17-6-2012
النظام الروسي لا يختلف عن العاهرات الروس اللواتي يصدّرهنّ إلى العالم، يذهبن مع من يدفع لهنّ أكثر… عبارة توضح تمامًا صورة روسيا اليوم التي تعمل تاجرًا يميل مع الطرف الذي يدفع له أكثر، والزبون الدسم هذه الأيام هو النظام السوري الذي عقد العديد من صفقات شراء الأسلحة منذ انطلاق الثورة السورية مع حليفته الاستراتيجية روسيا لاستخدامها في قتل المزيد من الشعب السوري واستمرت روسيا في تقديم الدعم العسكري واللوجستي لنظام الأسد حيث رست على الشواطئ السورية سفن روسية محملة بالأسلحة كما عقد الأسد مؤخرًا صفقة لشراء طائرات مروحية مقاتلة وصلت طلائعها إلى سوريا واستخدمت في قصف المتظاهرين وقصف المدن والبلدات السورية جوّاً التي عجز النظام عن اقتحامها برًّا في حمص وإدلب ودرعا ودير الزور واللاذقية.
وروسيا بذلك تتشبث بزبونها الأهم في العالم إذ لم تتوقف صفقات بيع الأسلحة بين الطرفين رغم العقوبات الدولية «المزعومة»، والتي تجاوز ثمنها مليارات الدولارات، دفع جزءًا منها مما اقتطعه النظام عن فم السوريين الذين يعيشون ظروفًا إنسانية حادة وسجل القسم الأكبر على الحساب، وبالتأكيد سوف يدفع الثمن من رقبة الشعب السوري مستقبلًا. والمضحك أن كافة الصفقات تعقد من تحت الطاولة كي تبعد روسيا عن نفسها الشكوك والتساؤلات وهي تنفي مرارًا وتكرارًا إرسال أسلحة للنظام السوري في المحافل الدولية. وروسيا تلعب على الحبلين في المسألة السورية، فهي تظهر دعمها للأسد لكنها تبطن بكل تأكيد سعيها الحثيث وراء مصلحتها ووراء من يعود بالنفع الأكبر عليها على كافة الأصعدة. ويتجلى ذلك واضحًا في تباين المواقف الروسية وتذبذبها، فهي الدولة الداعمة بشراسة للدولة الدينية في إيران، وهي الدولة المحاربة بشدة للدولة الدينية المحتملة في سوريا ما بعد الأسد لا لشيء إلا لأن النظام الإيراني «الديني» يشبه كثيرًا النظام العلماني السوري في عهد الأسد. وتارةً نجد لافروف يقول أن بيع الأسلحة لسوريا ليس مخالفًا للقوانين الدولية وتارةً أخرى تجده ينفي عن بلاده كافة التهم الموجهة لها بتسليح النظام!!
وبعيدًا عن الأسلحة، تستمر روسيا بإرسال فرق كوماندوس إلى سوريا لدعم النظام السوري وتعليمه المزيد من التكتيك والخطط لقتل المزيد من السوريين بطرق مبتكرة بسلاح وتدبير روسي وتنفيذ أسدي شبيحي. فالشريك في سفك الدماء السورية أعلنها صراحةً بأنه يقف والنظام السوري ضد ثورة شعبه لأنه المنفذ الوحيد له لبسط يده في المنطقة بعد أن خسرت روسيا حلفائها السابقين أمثال صدام حسين ومعمر القذافي ولم يتبقَ لها سوى آل الأسد، النافذة الأخيرة المفتوحة على المنطقة. ربما لأن النظام الروسي يرى في نظام الأسد امتدادًا له في المنطقة وهو ينفذ طرقه القمعية وأساليبه الدكتاتورية بحذافيرها، كيف لا وقد تربى الأسد الابن على أيدي الروس
وبعد أن استمات الروس في الدفاع عن نظام الأسد رغم كل الإدانات الدولية، قويت شوكة الأسد لارتكاب المزيد من المجازر والفظائع مدعومًا بالموقف الروسي، ولكن على ما يبدو ومن خلال قراءة المؤشرات الأخيرة على الساحة الدولية، بدأت روسيا برفع يدها عن النظام السوري شيئًا فشيئًا من خلال تمرير اجتماعات وعقد مؤتمرات من تحت الطاولة بعيدًا عن أعين الصحافة بعد أن استشرفت مصير سقوط الأسد الذي بات وشيكًا حسب المؤشرات على الأرض، فتصميم الثوار منقطع النظير على الصمود في وجه آلة القتل الأسدية المدعومة من إيران وروسيا وشاكلاتها جعل روسيا تعيد حساباتها ولو بشكل طفيف إذ بدأت بعقد اجتماعات مع شركاء دوليين لبحث المسألة السورية، لكنها نفت اجتماعها والولايات المتحدة لبحث مرحلة ما بعد سقوط الأسد لتبقي صورتها البراقة أمام النظام السوري. وفي حين صرح وزير الخارجية الفرنسي أن هناك مباحثات تجري مع روسيا للإعداد لمرحلة ما بعد الأسد وبأن المسؤولين الروس ليسوا متمسكين بالأسد وهم متأكدون بأنه طاغية نفت روسيا تلك التصريحات، كما جرت العادة، وعاد سيرجي لافروف لتأكيد دعمه لنظام الأسد على مرأى عدسات الإعلام الدولي. وبذلك تبرز الصورة الأمثل للمقامر الروسي الذي يسعى لطرح كافة أوراقه على طاولة من يعتقد بأنه سيعود عليه بالنفع الأكبر.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :