ريف إدلب – طارق أبو زياد
“كل يوم بدن مصاري شي نضافة شي حراسة والله ما عاد نلحق”، يقولها أبو عامر، من أهالي مدينة أريحا في ريف إدلب، مشتكيًا مما أسماه “ضرائب” فرضت على المحال التجارية، لدعم مبادرة “نبض أريحا” التي تضم شبابًا يعملون لحراسة أمن المدينة ليلًا.
يبيع أبو عامر الأدوية في إحدى صيدليات أريحا، ويشير إلى أنه دفع ثلاثة ألاف ليرة سورية على أنها “مساعدة مالية لتكاليف الحراسة الليلية”، بينما علمت عنب بلدي أن المحال التجارية في أريحا تدفع مبالغ مالية مختلفة تتراوح بين ألفي ليرة للبقاليات العادية، وتصل إلى خمسة آلاف عن العيادات الطبية.
لا يعلم الرجل الخمسيني الجهة المسؤولة عن تحصيل الأموال شهريًا، ويضيف “ما بعرف مين عم ياخد، كلهم بدن مصاري، والحرامية ما عم ينمسكوا وكل مالنا لورا”.
“نبض أريحا“ لحماية أمن المدينة
تخضع مدينة أريحا لسيطرة “هيئة تحرير الشام” بالمجمل، وينتشر فيها مقاتلون من “حركة أحرار الشام الإسلامية |
تحدثت عنب بلدي إلى رئيس المجلس المحلي في أريحا، أسامة جقمور، وقال إن المبادرة التي حملت اسم “نبض أريحا”، انطلقت في الأيام الماضية لحراسة المدينة ليلًا في ظل انتشار حالات الخطف بقصد الفدية، وسرقة المحال والسيارات والآليات.
أسهمت المبادرة بتشغيل “الفئة الأشد فقرًا من الشباب”، وفق رئيس المجلس، الذي أوضح أن عدد الحراس المنتشرين في شوارع المدينة، يصل إلى 90 شابًا، مؤكدًا أن الحراس “استطاعوا ضبط أكثر من حالة سرقة، وكان لهم دور في الإمساك بمجموعة تحاول خطف أحد المدنيين لافتدائه بالمال”.
يحمل العاملون في المبادرة مصابيح وعصيًا دون أسلحة، إضافة إلى أجهزة اتصال مع نقاط حراسة تتواصل بدورها مع “القوة التنفيذية”، التي كانت تتبع لـ “جيش الفتح”، وتعمل حاليًا تحت إمرة “تحرير الشام”.
وبرر جقمور جمع المبالغ من المحال بأنها “ليست ضريبة بل مبلغ زهيد لا يغطي شيئًا من أجور الشباب”، مشيرًا إلى أن لجنة شكلها المجلس تتواصل مع التجار لطلب التبرعات “ودائمًا تعجز عن استكمال الأجور”، واصفًا المبادرة بـ “الحركة المدنية”.
من وجهة نظر رئيس المجلس فإن أصحاب المحال والصيدليات، “هم الفئة الأكثر استفادة من المبادرة”، عازيًا السبب “لأن محالهم عرضة للسرقة، بينما المبالغ التي يدفعونها قليلة جدًا”.
بعد جملة من التوضيحات على لسان جقمور، قال إنه لا علاقة للمجلس بالمبادرة “من ناحية التبعية”، مشيرًا إلى أنه يشجع المبادرات المدنية والأهلية “في حال كان لها دور وتأثير إيجابي على الوضع العام في المدينة، ونتمنى أن نستطيع دعمها”.
وكان مجلس مدينة أريحا، رفض قرار “حكومة الإنقاذ” القاضي بحله، وتشكيل مجلس جديد تابع لها، مطلع كانون الأول، وحينها رفض جقمور الإدلاء بأي تصريح “حتى يتبين تبعات القرار”.
المبادرة في عيون أهالي أريحا
يقول عبد الرحمن إسلام، أحد أهالي أريحا، إن تلك المبادرات ربما تكون مجدية لحماية الممتلكات العامة والخاصة، مستطردًا “لكن إن فكرنا بشكل منطقي فهناك ملايين تحصل شهريًا من خلالها”.
وافترض عبد الرحمن أن أعداد المحال في أريحا يبلغ ألفي محل وسطيًا، “هنا يكون المبلغ المحصّل أربعة ملايين، وهذا كثير لتأمين رواتب الحراس ومستلزماتهم فقط”.
واعتبر أنه من الطبيعي وصف المبالغ المدفوعة بأنها “ضريبة”، مشيرًا إلى أن الأهالي لا يفرقون بين عمل المبادرة والجهة التي تديرها، “ينظرون للأمر على أن جهة واحدة مسؤولة عن كل ذلك وهذا أمر منطقي”.
وتعيش محافظة إدلب حالة من الفوضى الخدمية والإدارية، إذ تخضع كل بلدة لجهة أو فصيل معين، وتختلف أسعار المواد الأساسية في كل منها، رغم تشكيل “حكومة الإنقاذ”، تشرين الثاني الماضي، التي شكّلت وزارات ومديريات تقول إنها مستقلة، بينما يتهمها البعض بالتبعية لـ “تحرير الشام”.