عنب بلدي – العدد 134 – الأحد 14/9/2014
قتل 45 قائدًا من حركة أحرار الشام الإسلامية بينهم القائد العام حسان عبود، جراء انفجار استهدف مقر اجتماعهم في بلدة رام حمدان في ريف إدلب مساء الثلاثاء 9 أيلول، وسط غموض حول الطريقة التي دبرت لاستهدافهم والجهة المسؤولة عن ذلك، في حين رجحت تحقيقات لجهات معارضة استخدام “سلاحٍ كيماوي” في عملية الاغتيال.
ونعت “الجبهة الإسلامية” التي تنتمي لها حركة أحرار الشام عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، القائد العام للحركة حسان عبود المعروف بـ “أبي عبدالله الحموي” وقادة آخرين من الصف الأول، مشيرةً إلى أنهم قتلوا في “انفجار لم تتبين حقيقته بعد”.
ومن بين الشهداء أبو يزن الشامي أمير حركة أحرار الشام في حلب سابقًا، وأبو طلحة الغاب رئيس المؤسسة العسكرية للحركة، وأبو عبد الملك الشرعي المسؤول الشرعي الأول، وأبو أيمن رام حمدان، وأبو حمزة الرقة، ونور الدين عبود شقيق حسان عبود زعيم الحركة.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي روايات عديدة للتفجير الغامض، إذ نسب بداية إلى تنظيم “الدولة” الذي شنّ خلال الأشهر الماضية هجمات ضد الحركة خصوصًا والجبهة الإسلامية بالعموم، تزامنًا مع مباركة عددٍ من جنود التنظيم وأمرائه بعملية الاغتيال.
لكن مكان الاجتماع السري تحت الأرض والذي يطلق عليه “المقر صفر”، فتح الباب أمام التساؤلات حول اختراق اجتماعٍ بهذا المستوى، خصوصًا وأن للمقر بوابة وحيدة وضع عليها حراسة مشددة، وعدة حواجز منتشرة على دائرة واسعة من المكان. وتباينت التحليلات بين من يعزو السبب إلى سيارة مفخخة أو قصف بالطيران الحربي للأسد، أو عبوة ناسفة زرعت داخل المقر.
إلا أن الرواية الأقرب للدقة، هي ما أعلنه زاهر الساكت العميد المنشق عن النظام السوري ومدير “مكتب توثيق الكيميائي” أمس السبت، بأن التحقيق الأولي أظهر أن حادثة الاغتيال تمت بسلاح كيميائي من نوع “مسممات الدم”، بحسب وكالة الأناضول.
وقال الساكت، الذي كان يشغل منصب رئيس شعبة الحرب الكيميائية في الفرقة الخامسة التابعة لقوات الأسد قبل انشقاقه العام الماضي، إنه زار قرية رام حمدان، والتقى قادة وعناصر في الحركة واطلع منهم على شهاداتهم حول ملابسات حادثة الاغتيال.
وأضاف الساكت، أن النتائج الأولية التي توصل إليها، تشير إلى أن القادة الذين تم اغتيالهم قتلوا بسلاح كيميائي يملكه النظام السوري وهو من نوع “مسممات الدم”، مرجحًا أن تكون المادة السامة المستخدمة “أول أكسيد الكربون” أو “حامض السياندريك”، مطابقًا بذلك رواية طبيب حركة أحرار الشام الذي أشار إلى اختناق وازرقاق في الوجه ومحاولة تمزيق الثياب وبعض الخدوش بالأظافر، دون آثار لدماء أو إصابات جراء الانفجار.
ولم يبيّن مدير المكتب على وجه التحديد الطريقة التي تم بها الهجوم الذي استهدف القادة، وما إذا كان تم عبر انفجار عبوة ناسفة أو صاروخ أو برميل متفجر يحوي هذه المادة الكيميائية.
كما اختلفت التحليلات حول الجهة المسؤولة عن العملية، إذ ذهب البعض لاتهام تنظيم الدولة أو أيادٍ خارجية تخطط للقضاء على الثورة، في حين رجح آخرون وقوف الأسد وراء التنفيذ، كما قال زهير سالم، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، إن “أصابع الظالم المستبد بشار الأسد وأدواته الشريرة القذرة واضحة خلف هذا التفجير الآثم الجبان”، مضيفًا “وسيعلم هؤلاء الأشرار المجرمون أنّ كل ما يقومون به من شر وجريمة سيرتد عليهم، وسينتصر النور على الظلام، والحق على الباطل، والخير على الشر”.
بدورها عينت الحركة، بعد يومٍ من عملية الاغتيال، المهندس هاشم الشيخ (أبو جابر) أميرًا وقائدًا عامًا للحركة، وأبو صالح طحان قائدًا عسكريًا، في بيان مصور للناطق الرسمي باسم مجلس الشورى الطارئة للحركة.
وشددت الحركة في البيان على أنها “مستمرة في طريق الحق، ولن يزيد هذا الحدث الحركة، إلا مزيدًا من التصميم لتحرير البلاد، ومقاتلة طواغيت الداخل، ومن سمتهم الذين ارتهنوا للخارج”.
وتعهدت الحركة في البيان بأنها “ستكون خادمة الجهاد في الشام، لمقارعة النظام، وتنظيم الدولة الإسلامية، حتى خلاص أهل الشام منهما”.
وتنضوي حركة أحرار الشام تحت فصائل الجبهة الإسلامية، وكانت تعتبر أقوى فصيلٍ معارضٍ في سوريا بداية العام الجاري، لكن صراعها مع تنظيم “الدولة” جعلها تفقد شيئًا من نفوذها، وكانت قد تعرضت لعملية مشابهة استهدفت الشيخ أبو خالد السوري في شباط الفائت، وكشفت الحركة حينها تورط تنظيم “الدولة” في العملية عبر اعترافات منسقها.