حسام الجبلاوي – ريف اللاذقية
أطلقت “لجنة الحسبة” التابعة لهيئة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” حملة لإحراق مزارع التبغ في الساحل السوري بدأت يوم السبت الماضي 6 أيلول، وسط ردود أفعال من المزارعين بأن الحملة قطعت مصدر رزقهم الوحيد، دون تعويضات من الهيئة، تزامنًا مع تشكيل “دار القضاء الموحد” الذي يهدف إلى “تطبيق حدود الشريعة الإسلامية” في المنطقة.
وانطلقت الحملة التي تحمل اسم “إتحاف الإخوان بحرق مزارع الدخان” من جبل الأكراد، وبدأت بإحراق 3 مزارع، مستمرة طيلة أيام الأسبوع لتشمل معظم مناطق ريف اللاذقية المحرر.
وأفاد القائمون عليها أنها جاءت تنفيًذا لقوله تعالى “الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر”، واستكمالًا لمشروع “تحكيم الشريعة الإسلامية” في الساحل السوري.
وأثار إحراق المزارع ردود فعل متباينة بين مؤيد لها وداعٍ لتحكيم الشريعة، وبين من يعتبرها تدخلًا في شؤون السكان ومعيشتهم.
ووصف أبو زيد الأنصاري أحد أعضاء الهيئة لعنب بلدي تعاون أصحاب المزارع مع الحملة بالجيد “حيث قام البعض منهم بمشاركتنا بعد وعظه ولم نواجه أي مشاكل”، وعن التنسيق بين الهيئة ودار القضاء الموحد المشكل مؤخرًا أفاد الأنصاري أن “الحملة لم تأت بأمر من أي محكمة شرعية في المنطقة ولا تمثل أي فصيل بعكس ما يشاع في المنطقة وأنها مجرد بادرة من طلاب العلم الشرعي في الساحل”.
لكن الحملة لم تعوض أصحاب المزارع المحروقة باستثناء بعض الفقراء منهم كـ “مساعدة فقط”، بحسب أبي زيد، وذلك “بحسب قاعدة فقهية أجمعت عليها المذاهب الأربعة وهي المال المُحرّم وغير المُحترم عند إتلافه لا يُعوض عليه بتاتًا”، كما يقول.
على الجانب المقابل، لاقت الفكرة انتقادات واسعة لدى ناشطين سوريين، و”لم تعجب الجميع” بحسب أبي خالد، أحد سكان المنطقة، الذي أشار إلى “ضرورة عدم تدخل المقاتلين في الحياة المدنية”.
وعزا أبو خالد زراعة التبغ في المنطقة إلى “الفقر المدقع الذي حلّ بالأهالي، وضيق حالتهم”، خصوصًا مع إغلاق الأسواق المحلية لبيع المنتجات الأخرى والخسائر الكبيرة التي يعانون منها نظرًا لارتفاع كلفة النقل. وختم أبو خالد حديثه لعنب بلدي متمنيًا أن “توجه الجهود لمحاربة تجار السلاح والغابات بدل الفقراء”.
وتأتي الحملة بعد تشكيل “دار القضاء الموحد” من فصائل إسلامية فقط هي جبهة النصرة، شام الإسلام، وجنود الشام، رغم وجود محكمة شرعية قائمة في الساحل، وذكر القائمون على دار القضاء أن “المنهج القائم لهم هو تطبيق حدود الشريعة الإسلامية”. وأشار مصدر مطلع رفض الكشف عن اسمه لأسباب شخصية أن “القضاة جميعهم من المهاجرين ولا يخضع لأحكامهم سوى الفصائل الموقعة على التشكيل”.
وكانت أولى الأحكام التي طبقها دار القضاء يوم الجمعة من الأسبوع الفائت، بجلد 3 أشخاص 50 جلدة بتهمة “التعدي على الذات الإلهية”، وذلك بعد “استتابتهم ورجوعهم للإسلام ونطقهم للشهادتين”، مع التحذير بأن “رجوعهم لنفس الجرم يحكم عليهم بالقتل” كما نقل أهالي المنطقة.
يذكر أن ريف اللاذقية يشهد حاليًا نوعًا من الهدوء بعد معركة الأنفال التي انتهت قبل أكثر من 3 أشهر باسترجاع النظام لجميع المناطق التي سيطرت عليها المعارضة في المعركة، الأمر الذي فتح نوعًا من التوتر في العلاقات بين الكتائب المشاركة، وهو ما يؤخر أي عمل عسكري مرتقب في هذه الجبهة.