إدلب – طارق أبو زياد
أسهم التضخم السكاني في مدينة إدلب بإعادة إعمار المدينة، وخاصة عقب عمليات التهجير القسري من المحافظات السورية، والتي جلبت الآلاف إليها، ووصل عدد قاطنيها إلى 600 ألف نسمة، وفق تقديرات مجلسها المحلي.
وكان للتضخم سلبيات وإيجابيات، بحسب بعض الأهالي، الذين تحدثوا عن إعادة ترميم المباني التي دمرها القصف والمعارك التي شهدتها سابقًا، بشكل تدريجي، وصولًا إلى تأهيل مبانٍ كثيرة، كانت قيد الإنشاء قبل الثورة، فضلًا عن البنى التحتية التي استوعبت الأعداد الكبيرة من السكان.
ثلاثة أرباع سكان إدلب نازحون
تحدثت عنب بلدي إلى اسماعيل عنداني، رئيس المجلس المحلي لمدينة إدلب، الذي توقف عن عمله بعد تشكيل “حكومة الإنقاذ السورية”، تشرين الثاني الماضي، وأحصى في وقت سابق أعداد الأهالي فيها.
وقدّر عنداني الأعداد الحالية بحوالي أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل الثورة، إذ يظهر موقع “ويكيبيديا” أن عددهم عام 2011، بلغ 165 ألفًا، إلا أنه نوه إلى “غياب الدقة في الإحصائية”، مشيرًا إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع السكان “نازحون ضيوف”.
ووفق رؤية رئيس المجلس، “بدأ أولئك الضيوف أعمالهم الخاصة ومشاريعهم الاقتصادية المستقلة، وشكل تفاعلهم مع أهل المدينة مصدرًا إيجابيًا للإبداع من خلال تبادل المعرفة والخبرات وامتزاج الثقافات والعادات”.
لم ينكر عنداني أن الضغط العددي الكبير بداية الوصول إلى إدلب، “شكل عبئًا على شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي التالفة وغير المؤهلة لاستيعاب تلك الأعداد”، فضلًا عن الحاجة إلى المزيد من المباني السكنية، ما استدعى ترميم المتضررة جزئيًا وإكساء غير الجاهزة منها.
حي حمصي في إدلب
يبيع النازح من مدينة حمص، أسامة الخالد، السحلب في شوارع مدينة إدلب، وقال إنه يقطن في حي “السكن الشبابي”، الذي غدا حيًا للنازحين من حمص، وفق أهالي إدلب.
تعهدت بعض المنظمات حي السكن الشبابي، المتطرف نسبيًا في محيط مدينة إدلب، وكان بكامله قيد الإنشاء، ولم يكن فيه أي منزل صالح للسكن، وفق أسامة، الذي لفت إلى أنه “يعج بالحياة رغم أن التجهيز في البداية كان بسيطًا وضمن الحدود الدنيا”.
غياب الأمل في العودة إلى حمص، دعا أسامة وغيره من النازحين، إلى التفكير الجدي في الاستقرار، ليبدأوا تحسين كسوة الشقق التي يسكنونها، “كثيرون أكسوا الشقة بشكل كامل من البلاط الأرضي إلى تجهيز المطابخ وكافة المستلزمات”، وفق النازح.
ترميم المنازل المتضررة
غياب المنازل الفارغة في ظل ازدياد الأعداد، دعا البعض إلى تأهيل المدمرة منها، فلم يقتصر الأمر على تجهيز التي كانت قيد الإنشاء.
وبحسب غالب حج حسن، النازح من حماة إلى إدلب، فإن كثيرين مثله واجهوا أزمة وصعوبة في البحث عن منزل داخل إدلب، “أتيت إلى إدلب منذ ستة أشهر وبدأت رحلة البحث عن منزل للإيجار”.
اقتنع غالب بكلام مكاتب العقارات، التي كانت تعرض فكرة ترميم منزل مدمر جزئيًا مقابل سكنه لفترة من الزمن، “كانت الفكرة مستبعدة بشكل كامل بالنسبة لي، ولكن بعد محاولاتي الفاشلة بدت منطقية، فاخترت منزلًا لترميمه والسكن فيه لثمانية أشهر دون مقابل”.
وبحسب بحث النازح، فإن معظم المنازل المدمرة جزئيًا، أعيد ترميمها في إدلب، وهي مسكونة اليوم، موضحًا “إعادة الترميم طالت أغلب المنازل إما عن طريق المنظمات الإنسانية المهتمة، أو من خلال المستأجر نفسه”.
لم يقتصر الإعمار الذي تعيشه مدينة إدلب على المباني فقط، إلا أن إعادة التأهيل وعمليات الترميم طالت البنى التحتية للمدينة، بينما يتمنى كثيرون استمرار الاستقرار في مدينتهم المتضمنة في إطار اتفاق “تخفيف التوتر”، لاستعادة القسم الأكبر من مظهرها الذي كانت عليه سابقًا.