إدلب – رؤى الزين
“أحسن ما وقف بالطريق وأطلب لقمتي من الناس، عملت هالدكان لبيع وعيش منها”، يقول أبو محمد، المهجر من مدينة داريا، غربي دمشق، والذي يقطن في مدينة إدلب.
انتشرت ظاهرة البناء العشوائي على أرصفة إدلب بكثرة خلال الأسابيع الماضية، في ظل احتضان المدينة لعدد كبير من النازحين والمهجرين من مختلف المحافظات السورية، وسط انتقادات لما يسببه من تشويه للمظهر العام للمدينة، ودعوات من آخرين للتغاضي عمن “يكسب رزقه بعرق جبينه”.
وصل أبو محمد مع عائلته إلى إدلب، بعد تهجيرهم آب الماضي، ويشير في حديثه لعنب بلدي، إلى أن “الفقر أجبرني وآخرين على اللجوء لخطوة مخالفة قانونيًا، ولكني لا أملك إلا هذه الطريقة”، موضحًا “بعت ما تبقى من ذهب لزوجتي وأبيع اليوم ما أمكنني لإعالة أسرتي”.
ضرائب مقابل الدكان
مع دخول فصل الشتاء، حاول بعض البائعين تأمين رخصة لبناء دكان صغير على الرصيف، بدلًا من العربات الجوالة التي يستخدمونها لعرض ما لديهم.
ويقول الشاب عامر، النازح من حي الخالدية في حمص، إنه عانى خلال العام الماضي من إيقاف عمله بشكل متكرر بسبب البرد والمطر، “احترت من وين جيب لقمة الخبز، لذلك جبت كم لبنة وعمرت دكانة صغيرة جنب بيتي”.
ووفق عامر، فإنه يدفع شهريًا خمسة آلاف ليرة سورية للبلدية، معتبرًا أنه مبلغ قليل مقابل ما يدفعه التاجر صاحب المحل الكبير، ويصل إلى 100 ألف ليرة، بحسب تقديراته.
البلدية تتغاضى وتقرر إزالة الدكاكين “المزعجة”
في ظل انتشار الظاهرة، قال نبيل كردي، رئيس بلدية إدلب، التي تتبع لـ “حكومة الإنقاذ السورية” المشكلة حديثًا، إنه لم يكن أمام البلدية سوى السماح بتلك المخالفات، “بسبب ضعف سبل المعيشة في مدينة إدلب”، مؤكدًا أن الأمر “تجاوز الحد مع امتداد البسطات في الشوارع”.
لدى التوجه إلى ساعة إدلب وسط المدينة، ترى العشرات من الدكاكين العشوائية في محيطها، وأوضح كردي لعنب بلدي، أن البلدية اتخذت قرارًا بتخفيف الظاهرة “بشيء يرضي المارة في الشوارع وأصحاب الدكاكين”.
وبحسب رئيس البلدية، فإن إعلانات وزعت على جميع أصحاب الدكاكين الذين يعرضون بضائعهم على الرصيف وفي الشارع، تتضمن إنذارًا بالعقاب والمخالفة، بدءًا من 24 كانون الأول الجاري.
ولفت إلى أن البلدية “ستنشئ سوقًا فرعيًا لأصحاب البسطات داخل كل حي في المدينة، للتخفيف من الازدحام في السوق المركزي”، مستطردًا “لكن هذا الأمر يحتاج إلى دعم من المنظمات العاملة في الشمال لأن إمكانياتنا ضعيفة ومحدودة”.
وعن الدكاكين الصغيرة على الأرصفة، أكد كردي أن “غير المزعجة” منها للمارة والجوار ستبقى.
وفي استطلاع ميداني أجرته عنب بلدي، أبدى البعض ضرورة التغاضي عن أصحاب الدكاكين الصغيرة، ومنهم سوسن، التي تقول إن شارع منزلها مليء بها، مضيفةً “صحيح زحمة وعم نمشي بين السيارات، بس الفقر نخر عضام الشعب السوري”، ودعت “خلي العالم تترزق وتعيش”.
يجلس أبو محمد تارة ويسير جيئة وذهابًا تارة أخرى، مروجًا بصوت أجش مبحوح للسلع التي يبيعها على الرصيف، متمنيًا أن يعود في اليوم التالي، لتأمين مردوده اليومي الذي يعيله وأسرته، بعيدًا عن سؤال الناس.