تدور أحداث رواية “كائن لا تحتمل خفته” للروائي ميلان كونديرا، خلال الحرب العالمية الثانية إبان اجتياح روسيا لدولة التشيك، وفرضها للنظام الشيوعي في البلاد.
لكنها تتناول الأحداث بإطار فلسفي بحت أغلب الأحيان، إذ يؤسس كونديرا روايته على فكرة الفيلسوف الألماني فريدرك نيتشه، حول العود الأدبي للزمن، وتكرار الأحداث إلى ما لا نهاية.
وتقول الفكرة إن الأحداث تفقد قيمتها في حال كانت مكررة إلى الأبد، وإن تفاهتها الناشئة عن التكرار تجعل منها ثقيلة على حياة البشر، ولذلك فإن قيمة الأشياء التي نعيشها تنبع من كونها لن تتكرر مرة ثانية.
لكن لا يلبث كونديرا أن يعبث بهذه الفرضية حين يقرنها بالوزن والخفة والثقل، فيفترض أن كل شيء مغفور في الحياة، بشكل مسبق قبل حدوثه، كونه لن يحدث سوى مرة واحدة فقط، وينتهي.
بناءً على هذا الدمج المربك، المبني على فكرة مربكة في الأساس، يقدم لنا كونديرا ثلاث شخصيات رئيسية لعمله، هم توماس وزوجته تيريزا وصديقته سابينا.
وبخلاف السائد في الفكر الإنساني تدور الرواية حول فضائل الثقل الناجم عن الاستقرار، وسلبيات الخفة التي يسعى إليها الإنسان للحفاظ على محيط لا تربطه به أواصر عاطفية، قد تؤثر على حركته، وغالبًا ما تكون بسبب الحرب وعدم القدرة على السيطرة على مجريات الأمور.
يدخل قارئ هذه الرواية إلى عوالم جديدة من السرد الروائي المبتكر، والمشبع بذات الوقت بأساليب المناقشة الفلسفية، وفي حين تعمل يد كونديرا على هدم عالم ألفناه، يسعى نصه مباشرةً لبناء عالم موازٍ متكامل يخطف جمهوره من صفحة إلى أخرى.