عاد اسم رئيس الحكومة المؤقتة السابق، أحمد طعمة، للتداول في الملف السوري، بعد ابتعاده لأشهر عن ماراثون السياسة، وتدرجه في وظائف لعب خلالها أدوارًا على أكثر من صعيد، وسط استغراب من اختياره ليتصدر المشهد في محادثات “أستانة8″.
من بين 140 شخصية مستقلة، شاركت باجتماعات توحيد وفد المعارضة في “الرياض2″، تشرين الثاني الماضي، اختير طعمة، المحسوب على التيار الإسلامي في المعارضة، ليقود وفد فصائل المعارضة، خلال النسخة الثامنة من المحادثات، خلفًا لرئيس أركان “الجيش الحر”، العميد أحمد بري.
وينحدر طبيب الأسنان المتخرج من جامعة دمشق، من دير الزور التي ولد فيها عام 1965، وتدرج في أدواره من الخطابة في الجامع “الحميدي” بالمدينة منذ عام 1997، وصولًا إلى السياسية بمشاركته في إعلان دمشق عام 2005، ثم رئاسته للحكومة المؤقتة.
انتخب طعمة رئيسًا لـ ”المؤقتة” خلال اجتماع للائتلاف المعارض في اسطنبول، منتصف أيلول 2013، خلفًا لغسان هيتو، وواجهت الحكومة في ظل رئاسته اتهامات بمجموعة من قضايا فساد، جاءت على لسان الكثير من المعارضين السوريين، بينما أثنى عليه آخرون.
وبعد 11 شهرًا على استقالته من الحكومة، في تشرين الثاني 2015، بقي طعمة داخل أروقة الائتلاف، وأدار برنامجه الجديد بعنوان “قول على قول”، على قناة “الشرق المصرية”، والذي تخصص في التعليق على أهم الأبحاث والدراسات والمقالات التي تنشر في العالم العربي، وصولًا إلى ترؤّسه وفد المعارضة في “أستانة”.
ليس لطعمة، الذي تلا بيان “أستانة8″ الختامي، أي تصريحات سياسية بارزة في الملف السوري، إلا أنه يؤمن بـ ”مسلّمات” أبرزها أن “عسكرة الثورة كانت خطأ استراتيجيًا”، ويرى أن “الجميع يدرك أنه لن تتحقق مطالب الشعب السوري دون انتقال سياسي حقيقي”.
اعترف المعارض، في حديثٍ سابق إلى عنب بلدي، نيسان 2016، بوجود أخطاء إدارية ونقص في الخبرة لدى جهازه خلال فترة رئاسته للحكومة، وحينها اعتبر أنه “المجتمع الدولي يتوجه إلى تعزيز فكرة اللامركزية الإدارية في المحافظات السورية”
وبدأ الرئيس السابق للحكومة عمله على الصعيد السياسي، الذي انخرط فيه منذ صغره، بتأسيسه مجموعتين، فكرية تعنى بإعادة النظر في الميراث الفكري الإسلامي وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وأخرى تبنت منهج اللاعنف والمقاومة السلمية ورفض التنظيمات السرية على الصعيد السياسي، وفق سيرته الذاتية التي نشرها الائتلاف المعارض.
طعمة اعتقل لأكثر من عامين قبل الثورة السورية، بعد عقد المجلس الوطني لإعلان دمشق جلسته داخل سوريا، وكان أمينًا لسره حينها، في كانون الأول 2007، إلى جانب 12 شخصًا، منهم رئيس الائتلاف الحالي رياض سيف، وفداء حوراني وآخرون من القيادات السياسية في سوريا تلك الفترة، ليفرج عنه في حزيران 2010.
في أكثر من مناسبة، أرجع طعمة في حديثه لوسائل الإعلام تأخر توحد المعارضة، إلى “عوامل داخلية وخارجية”، أبرزها إبعاد الشعب السوري عن أروقة السياسة لأكثر من 50 عامًا، ما غيّب خبرته في تلك القضايا.
واعتبر أن المجتمع الدولي أخطأ بحق المعارضة السورية مرتين، أولاهما لأنه لم يدعم تشكيل قيادة عسكرية موحدة تخضع للقيادة السياسية، ما ترك الدعم مفرقًا ومشتتًا، وثانيهما أنه قدم دعمًا لوجستيًا دون الدعم لإدارة الدولة، في وقت كانت المعارضة بأمس الحاجة إليه.
يعتبر طعمة مقربًا من تركيا التي يحمل جنسيتها، وفي تصريحات للإعلام في تشرين الأول الماضي، اعتبر أن “الحل الحقيقي للملف السوري لن يبدأ إلا في مطلع عام 2019، بعد القضاء التام على المنظمات المتطرفة، واكتمال خطوات اتفاق تخفيف التوتر من خلال تفاهمات أستانة”.
الجوهر الأساسي في الجولة الثامنة من “أستانة”، كان ملف المعتقلين من وجهة نظر طعمة، ودعا للضغط على النظام والدول الضامنة “للالتزام الكامل باتفاق تخفيف التوتر، لأنه يتعلق بسلامة وأمن ملايين السوريين”.
ويقول بعض السوريين إن طعمة “فشل” في إدارته المناصب التي شغلها، دون تحقيق أي تطور، بينما ينتظر آخرون تحولًا مقبلًا في الملف السوري، مغايرًا للسبب الذي نصّبه على رأس وفد الفصائل، التي طالب معظمها، نهاية عام 2015، بسحب الثقة منه كرئيس حكومة، على خلفية وصفه “الجبهة الشامية” بأنها “قوة مسلحة متطرفة”، والتي منعته من دخول سوريا من معبر “باب السلامة”.
–