استهلكت الولايات المتحدة وروسيا حقّ النقض في مجلس الأمن (فيتو) أكثر من 250 مرة منذ إقراره عقب الحرب العالمية الثانية.
ورغم أن فرنسا والصين وبريطانيا تمتلك أيضًا حق النقض إلا أنها لم تستخدمه مجتمعة بقدر ما استخدمته روسيا أو أمريكا وحدهما.
كلمة “فيتو” أصلها لاتيني وهي تعني “أنا اعترض”، لكن دلالاتها في مجلس الأمن لا تفيد الاعتراض فحسب، بل إعاقة مشاريع القرارات ومنعها من التحول إلى قرارات دولية نافذة.
ويعد “الفيتو” اليد التي تتحكم فيها الدول ذات القوى الأكبر في العالم، على حساب الشعوب الأخرى التي غالبًا ما تُعاق مصالحها بسبب حسابات الدول الخمس المتحكمة بمجلس الأمن، فماذا كان ليتغير لو لم يكن هناك “فيتو”؟
تحرير فلسطين
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية 43 “فيتو” لعرقلة مشاريع تدين إسرائيل في مجلس الأمن، وأول هذه القرارات كان عام 1973، والذي يؤكد على حق الفلسطينيين ويطالب بالانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها.
وفي عام 1967 منعت أمريكا تمرير ثلاثة مشاريع تمنح الفلسطينيين حق تقرير المصير وتمنع إسرائيل عن أي أعمال ضد السكان العرب في الأراضي المحتلة، وتدعو إلى عودة فلسطينيي الشتات.
وشهد عام 1983 أكبر عدد “فيتوهات” أمريكية لصالح إسرائيل، إذ استخدمت أمريكا حق النقض سبع مرات يتعلّق أحدها بفرض عقوبات على إسرائيل بسبب سياساتها التصعيدية في الجولان السوري المحتل، فيما دعا آخر لإدانة اجتياح إسرائيل.
وساعدت الولايات المتحدة على توسيع سياسات الاستيطان الإسرائيلية من خلال عرقلة مشاريع عدة، كما منعت التضامن الدولي ضد أعمال إسرائيل العنصرية تجاه “المسجد الأقصى”.
وكان آخرها مشروع القرار المصري حول رفض إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها من تل أبيب الذي استخدمت أمريكا الفيتو ضدّه أمس، الاثنين 18 كانون الأول.
إسقاط النظام السوري
مع بدء الثورة السورية، وإطلاق النظام حملاته الأمنية الواسعة، تحرّك مجلس الأمن بضغط من دول أوروبية، للعمل على مشروع قرار يدين النظام السوري لاستخدامه العنف ضدّ المدنيين وقمعهم خلال التظاهرات السليمة، والاعتقالات التعسفية.
لكن “فيتو” روسي- صيني أدى إلى إفشال المشروع وحال دون إقراره.
كما عطّل فيتو مشابه بتاريخ 5 شباط 2012، مشروع القرار الذي طرحته دول أوروبية وعربية، والذي يدعم خطة الجامعة العربية لـ “تسوية الأزمة” في سوريا عبر إزاحة الأسد وتسليم نائبه، فاروق الشرع رئاسة سوريا.
إدانة النظام ومحاكمة أركانه
في أيار 2014 أعلنت فرنسا طرح مشروع قرار بشأن إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب فيها، لكن روسيا لم تسمح بتمريره.
فرنسا استُهدفت مرة أخرى بـ “فيتو” روسي حين تقدمت بمشروع يتضمن وقفًا فوريًا للأعمال القتالية، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، إضافة إلى حظر الجوّية فوق مدينة حلب، في تشرن الأول من العام الماضي.
كما منعت روسيا مشروع قرار أمريكي يقضي بتمديد آلية عمل لجنة التحقيق الدولية حول الأسلحة الكيميائية في سوريا، في تشرين الأول الماضي.
وكان “الفيتو” الأخير الثالث هو لروسيا بهذا الخصوص، إذ كانت استخدمت حق النقض مرتين لمنع قرارات مجلس الأمن المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.