عنب بلدي ــ العدد 133 ـ الأحد 7/9/2014
دخلت المفاوضات حول هدنة داريا مرحلةً جديدة الأسبوع الماضي، بعد خروج الوفد المفاوض إلى مقر الفرقة الرابعة يوم الخميس 4 أيلول، للتفاوض بشكل مباشر مع ممثلين عن النظام، وقد طرح الطرفان شروطهما لإتمام التفاوض، على أن تعقد جولة ثانية بعد مشاورة الأطراف المؤثرين بمصير المدينة.
وبعد تأجيل المفاوضات لمرتين من قبل النظام، خرج الوفد الممثل للقوى العاملة في المدينة ظهر الخميس، بصحبة الوسيط عدنان أفيوني، مفتي ريف دمشق، إلى مكتب العميد غسان بلال في الفرقة الرابعة.
وضم الوفد كل من معتز أبو زهير، وأبو نضال عليان وأبو المجد القرح، وكانت مهمته مقتصرة على إيصال ما ينص عليه “ميثاق الشرف” المتوافق عليه في داريا، إلى ممثل النظام العميد بلال، ونقل ردوده إلى داخل المدينة.
وسبق خروج الوفد لقاء بين عدد من ناشطي المدينة مع الوسيط أفيوني الذي شرح عن دوره في المفاوضات، وهو “تقريب وجهات النظر بين النظام والمعارضة والتوصل إلى حل يرضي الطرفين”، مشيرًا إلى “حرمة سفك الدماء وتهديم ممتلكات الناس”.
واستمر غياب الوفد خارج داريا 3 ساعات تقريبًا، ولدى عودته أصدرت لجنة التفاوض عبر حسابها الرسمي في موقع الفيس بوك بيانًا جاء فيه، أن الوفد استمع إلى كلام العميد بلال، وعرض بنود “ميثاق الشرف”، وهي إعادة انتشار الجيش على أطراف داريا، ما يمكن الأهالي من العودة إلى بيوتهم كشرط أول وأساسي، والكشف عن مصير المعتقلين والبدء بإطلاق سراحهم. كما قدم الوفد قائمة تضم معلومات تفصيلية عن أقدم 300 معتقل، إضافة إلى المعتقلين من النساء والأطفال، مطالبًا بإطلاق سراحهم مباشرة كباردة حسن نية، إضافة إلى إيقاف الانتهاكات بحق أهل داريا وكفرسوسة على حواجز الأسد أو في أماكن تواجدهم.
بدوره ردّ العميد غسان بلال بأن موضوع المعتقلين مرتبط بملف المعتقلين على مستوى سوريا، ولا يستطيع الوعد بإطلاق سراحهم، مردفًا أنه سيحاول النظر في موضوع النساء والأطفال. وفيما يخص إعادة انتشار الجيش قال العميد أنه لا يستطيع اتخاذ قرار بذلك، ويحتاج للتشاور مع باقي الجهات في النظام. لكنه أشار بأنه في كل الأحوال يجب أن يكون هناك مقابل في حال تم التفاوض على إعادة الانتشار، كتسليم كامل السلاح الثقيل والمتوسط.
وفي معرض الحديث عن أوضاع المدنية تبرأ العميد غسان من مسؤولية النظام عن مجزرة داريا الكبرى في آب 2012، متهمًا “مسلحي المدينة” بتدبيرها، وأضاف أن البراميل التي تلقيها طائرات الأسد تستهدف المسلحين والإرهابيين دون المدنيين. وأعاد العميد الرواية التي يتحدث بها النظام منذ بداية الثورة عن مؤامرة تحاك ضد الأسد وشعبه على حد سواء، مضيفًا أنه “من المستحيل أن يقتل شعبه”.
وفي تعليق للعميد حول ملف المعتقلين، اعتبر أن الملف يعالج على مستوى سوريا وليس فقط في داريا، وإذا تم الاتفاق على إطلاق سراح معتقلي داريا، فماذا سيكون الرد بالنسبة لمعتقلي مدينة الزبداني مثلًا.
من جانبها، أوضحت لجنة المفاوضات أنها ستعرض مجريات اللقاء على القوى العاملة في داريا لتقرر الخطوات اللاحقة، لكن أغلب تلك القوى رفضت اللهجة التي يتحدث بها النظام، التي يعتبر فيها نفسه الطرف الوحيد في المعادلة، وجميع المعارضين إرهابيون.
واعتبر ناشطون في المدينة أن النظام غير جاد في تلبية مطالب اللجنة، ولكن كل ما يريده تحقيق نصر إعلامي ومعنوي دون تقديم أي شيء يصب في مصلحة المعارضة، في حين اعتبر آخرون أن الهدنة في طريق التنفيذ لكنها تحتاج مزيدًا من الوقت.
يشار إلى أن خروج الوفد تزامن مع وقف مؤقت لإطلاق النار والقصف الجوي على المدينة، لكن مراسل عنب بلدي في داريا أكد أن عمليات تسلل قوات الأسد وحفر الأنفاق استمرت خلال عملية التفاوض وبعد عودة الوفد.