رصيد مفتوح في “بنك القلق” لـ توفيق الحكيم

tag icon ع ع ع

 في ذروة اليأس أواخر ستينيات القرن الماضي، يلتقي شابان مصريان مفلسان، وبالرغم من تعليمهما الجامعي لا يجرؤان على المطالبة بحقوقهما، كون النظام القائم عسكريًا استبداديًا يرفض أي اعتراض، وكان النظام حينها بقيادة جمال عبد الناصر.

ودفع اليأس كلًا من شعبان وأدهم إلى وضع خبرتهما في الحقوق والاقتصاد السياسي لابتكار فكرة من أعظم أفكار الأدب وهي “بنك القلق”، التي عنون بها توفيق الحكيم مسرحيته.

وكما نشأت فكرة البنوك بالأساس من قبل مفلسين، يتفتق ذهن الشابين عن اكتشاف القلق كسلعة أو عملة متداولة بكثافة في عصرنا الحالي، ويقرران استغلال هذا الاكتشاف، لإنشاء مشروع تجاري ضخم.

تقوم فكرة البنك على استقبال الأشخاص القلقين، والسماح لهم بالبوح بما يقلقهم، وما إن ينتهوا حتى يعرض الشابان قلقهم الخاص على الزبائن، كمبدأ البنوك في القروض والاستقراض.

لكن الفكرة المبدعة هذه لم تمر من أمام السلطات مرور الكرام، فسرعان ما وصلت إليهما المخابرات، وبدأت بالتجسس على هواجس الناس وقلقها.

وهكذا حوّل النظام البوليسي جهده نحو محاصرة قلق الناس، فيصبح مجرد القلق تهمة قد تدين زبائن هذا البنك، وتودي بهم إلى مصائر مجهولة.

تتعقد الحبكة المسرحية التي يغرق بها كل من شعبان وأدهم، وتأخذهما أيضًا في دروب ملتوية ومفاجئة، ولشدة براعة الحكيم في خلق مسرح ذهني محكم الإتقان، يترك القارئ أمام نهاية تورثه رصيدًا مفتوحًا من القلق على مصير الشخصيات.

وكما تتورط شخصيات المسرحية بأحداث غريبة، يتورط القارئ بـ “بنك القلق” وكأنه أصبح بالفعل زبونًا يشارك برصيده الشخصي، في “ثروة” أمة كاملة قلقة على مستقبلها.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة