الحمى القرمزية.. عدوى جرثومية يجب علاجها بسرعة
د. أكرم خولاني
مع قدوم فصل الشتاء تكثر الأمراض التنفسية المعدية، خاصة في المدارس ودور الحضانة، ولعل أحد الأمراض المعدية جدًا والأكثر شيوعًا عند الأطفال هي الحمى القرمزية.
كانت الحمى القرمزية مرضًا تهلع له القلوب ويثير الرعب في النفوس لما له من مضاعفات خطيرة قد تنتهي بالموت، لكن اكتشاف المضادات الحيوية أدى لانخفاض كبير جدًا في نسب الوفيات وحتى في حدوث المضاعفات، ومع ذلك من الضروري التعرف على هذا المرض للحد من انتشاره ومعالجته بشكل سريع عند حدوثه.
ما الحمى القرمزية
هي عدوى جرثومية بالجراثيم العقدية المقيحة (العقديات مجموعة A) تسبب ظهور طفح جلدي مميز ذي لون وردي إلى برتقالي، ينتج عن ذيفان (Toxin) يدعى الذيفان الخارجي العقدي المولد للحمى تفرزه هذه السلالة من الجراثيم، وغالبًا يحدث المرض عقب الإصابة بالتهاب حلق، ويمكن أن يحدث نتيجة عدوى جلدية (القَوْباء) ناجمة عن الجراثيم العقدية المقيحة A.
ويمكن للحمى القرمزية أن تحدث في أي عمر، لكنها أكثر ما تحدث لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 8 سنوات، بينما يندر حدوثها في الأعمار الأقل من سنتين، ولا تعرف الإصابة بها قبل ستة أشهر من العمر، وتكتسب أجسام معظم الأطفال الذين تجاوزوا 10 سنوات من العمر مناعة تجاه ذيفانات الجراثيم العقدية.
كيف تحدث العدوى؟
يصبح المصاب ناقلًا للعدوى قبل ظهور أعراض المرض عليه، وتنتقل العدوى من الطفل المصاب إلى السليم عبر استنشاق الرذاذ المتطاير أثناء العطاس والسعال، ولكن يمكن أيضًا أن تنتشر عند مخالطة شخص مصاب بالعدوى عن طريق ملامسة الجلد أو عن طريق مشاركته بالملابس أو المناشف أو الشراشف أو الحمّام، وقد يحدث حمل المرض بدون أي أعراض ظاهرة في حوالي 20-15% من أطفال المدرسة.
ما أعراض الإصابة؟
تبلغ فترة الحضانة 1-4 أيام، ثم تبدأ الأعراض:
- ارتفاع الحرارة: يبدأ المرض بارتفاع شديد في درجة الحرارة لتصل إلى 39.5 حتى 40 درجة مئوية، ثم تبدأ درجة الحرارة بالانخفاض التدريجي شيئًا فشيئًا لتعود لمعدلها الطبيعي مرة أخرى، خلال فترة تتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة أيام تقريبًا. وفي حال استخدام المضادات الحيوية فإن الحرارة تعود إلى معدلها الطبيعي خلال ما يعادل 24 ساعة تقريبًا.
- الطفح الجلدي: يظهر بعد 12-48 ساعة من بدء الحمى، ويبدأ الطفح بالظهور على الوجه والرقبة، ثم الصدر، ثم البطن، ثم تحت الإبطين والذراعين وبين الفخذين، ثم ينتشر ليغطي الجسم بأكمله في غضون 24 ساعة.
يكون الطفح قرمزي اللون، شديد الاحمرار في مناطق طيات الجلد مثل الإبطين والمرفقين، والوجه شديد الاحمرار، وتصبح المنطقة المحيطة بالفم شاحبة اللون، وعند لمس الطفح نجده خشنًا كملمس ورق الزجاج، وعند الضغط على الطفح الجلدي تتولد بقعة بيضاء تستمر لبضع ثوان، وأحيانًا يكون الطفح مصحوبًا بحكة في الجلد، ويستمر هذا الطفح الجلدي ثلاثة إلى خمسة أيام، على الرغم من أن تقشر الجلد قد يستمر لبضعة أسابيع، وفي كفي اليدين قد يستمر تقشر الجلد لأكثر من شهر.
- تضخم شديد في الغدد اللمفاوية في الرقبة.
- التهاب اللوزتين ومؤخرة الحلق، فتبدو مغطاة بطبقة بيضاء، أو تظهر حمراء منتفخة ومنقطة مع بقع بيضاء أو صفراء من القيح.
- يكون اللسان أبيض اللون ناعمًا ثم يصبح فيما بعد أحمر اللون ومنتفخًا يغلب عليه مظهر الفريز.
- صعوبة في البلع، وألم في البطن، والشعور بالغثيان، والقيء، والصداع، والقشعريرة، وآلام معممة في الجسم، ووجود حالة من فقدان الشهية.
كيف يتم تشخيص المرض؟
يمكن التشخيص بواسطة العلامات والأعراض السريرية، ولكن قد يحدث الخلط بين الحمى القرمزية وبين عدد من أنواع الطفح الجلدي، بما في ذلك تلك المتعلقة بالحصبة (Measles) وبالحساسية (Allergy)، وعند عدم التأكد من التشخيص تجرى التحاليل المخبرية، والتي تظهر زيادة ملحوظة في تعداد خلايا الدم البيضاء (WBC)، وزيادة في الخلايا المحببة العدلة، مع كمية طبيعية أو مرتفعة للخلايا الحمضية، وارتفاع معدل ترسب كريات الدم الحمراء (ESR) والبروتين C الارتكاسي (CRP) وارتفاع حالة العقدية (O ASLO)، وقد تؤخذ مسحة من الحلق للزرع والتي تظهر العقديات.
ما علاج الحمى القرمزية؟
يجب البدء بالعلاج بشكل سريع لتجنب حدوث المضاعفات، ولا تختلف المعالجة عن أي نوع من التهاب الحلق بالجراثيم العقدية، وتشمل استخدام المضادات الحيوية، والدواء المستخدم عادة هو البنسلين (Penicillin)، ويمكن استخدام الازيترومتسين (Azithromycin) إذا كانت لدى المريض حساسية للبنسلين، ويجب على المريض أن يتناول الدواء لمدة عشرة أيام، وأن يستمر في ذلك حتى وإن تعافى قبل إتمام فترة العلاج، فمعظم المرضى يتماثلون للشفاء بعد أربعة أو خمسة أيام من البدء بالعلاج.
بالإضافة إلى المضادات الحيوية، يجب استخدام المسكنات وخافضات الحرارة، وكذلك الاعتناء بالطفل المريض، فيجب أن يكون الطعام المقدم للطفل سهل البلع، كذلك يجب قص أظافر الطفل الذي يعاني من حكة في الجلد حتى لا يستخدمها في تخفيف ألام الحكة، واستخدام الملطفات للجلد للتخفيف من حدة الحكة.
ما المضاعفات المحتملة؟
هناك مضاعفات إنتانية بسبب انتشار العقديات في الدم، ومضاعفات مناعية نتيجة لاستجابة مناعية شاذة.
وتشمل المضاعفات الإنتانية: التهاب الأذن والجيوب والالتهاب الرئوي، والتهاب السحايا، وإنتان الدم الكامل، حيث يطلق على هذه الحالة حالة الحمى القرمزية الخبيثة.
وتشمل المضاعفات المناعية: التهاب كبيبات الكلى، الحمى الرثوية، والحمامي العقدية، ومتلازمة الحمى القرمزية الخبيثة الثانوية، وتشمل الحمى المتجددة، وأمراض الأذن والأنف والحلق والتهاب الكلى، وتظهر في اليوم الثامن عشر من الإصابة بالحمى القرمزية غير المعالجة.
ما سبل الوقاية من العدوى بالحمى القرمزية؟
حاليًا لا يوجد لقاح فعال للحماية من عدوى الجراثيم العقدية المقيحة، ولكن للوقاية من انتشار العدوى يجب عزل الطفل المصاب ومنع اختلاطه بالآخرين أو ذهابه إلى المدرسة، قبل أن يبدأ برنامجًا علاجيًا بالمضادات الحيوية، وأن يمضي على البدء به 24 ساعة على الأقل.
وينبغي التخلص مباشرة من جميع المناديل التي سعل أو عطس فيها المصاب، كما ينبغي تجنب مشاركة أدوات الطعام أو الأكواب أو الثياب أو أغطية الأسرة أو المناشف أو الحمامات مع أي شخص مصاب بالحمى القرمزية، ويجب أن يستخدم المصاب أدوات شخصية خاصة به، ثم غسلها بالماء الساخن لمنع انتشار العدوى.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :