عنب بلدي – درعا
خلقت قضية الموظفين العاملين في مؤسسات النظام الخدمية، كالمياه والكهرباء والبلديات، حالة جدلية لدى مناصري الثورة السورية في محافظة درعا منذ بدئها، بينما يدير النظام اليوم مشاريع في المناطق “المحررة” من المحافظة، وتنفي بعض المجالس المحلية علمها بالأمر.
وبين الاتهامات بالخيانة والعمالة للنظام، والتبريرات بضرورة خدمة الأهالي، يتفق الأغلبية على منع دخول مؤسسات النظام إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وضرورة إيجاد مؤسسات بديلة عنها، تتمثل بالمجالس المحلية التي تدير الخدمات في تلك المناطق.
مشاريع بوساطة “الهلال الأحمر”
الشركة العامة للكهرباء في وزارة حكومة النظام، نشرت صورًا لتركيب محولة باستطاعة 100 ك. ف .أ، في مدينة داعل، مشيرةً إلى أنها “مقدمة من الهلال الاحمر السوري”، 7 كانون الأول الجاري. |
لكن الواقع يقول إن مؤسسات النظام كثفت خلال الأشهر القليلة الماضية، عملها في مناطق المعارضة، وباتت مسؤولة عن تنفيذ مشاريع تقدم خدمات لعشرات الآلاف من أهالي تلك المناطق، وفق معلومات حصلت عليها عنب بلدي من مصادر مطلعة في “الهلال الأحمر السوري”.
يلعب “الهلال” دور الوسيط و”الواجهة” لتلك المشاريع، وفق المصادر، التي ذكرت أن المنظمة اضطرت للتدخل كوسيط “بعد تضرر خدمات المياه والكهرباء في المحافظة بشكل كبير، واستخدام كلا الطرفين الخدمات كوسيلة للضغط على الآخر”.
وساعد الدور الذي لعبه “الهلال الأحمر” في اتفاق المياه والكهرباء، بخصوص مشاريع الري، بين مناطق سيطرة المعارضة غربي درعا، و”درعا المحطة “الخاضعة لسيطرة النظام، في تعميم التجربة على أكثر من منطقة.
وأضافت المصادر أن “الهلال” و”اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، خططا لمشاريع خدمية تنفذها مؤسستا الكهرباء والمياه بشكل خاص في مناطق المعارضة، “تشرف ورشات هذه المؤسسات في وقت لاحق على أعمال الدراسة والتنفيذ والمراقبة والتشغيل”، موضحًا أن “المشاريع تتوزع بين ريفي درعا الشرقي والغربي وهي في ازدياد ملحوظ”.
من ضمن المشاريع تنفيذ وتجهيز مجموعة من الآبار في ريف درعا الشرقي، تخدم اليوم أكثر من 35 ألف نسمة بالمياه، وخلال الأيام الماضية نفذت مؤسسة كهرباء درعا بحضور “الهلال”، مشروع تركيب محولة كهرباء في مدينة داعل، التي خصصتها لأحد آبار المياه في المدينة، والذي يخدم بدوره خمسة آلاف نسمة.
مجلس داعل المحلي ينفي علمه
للاطلاع على موقف الجهات المدنية التابعة للمعارضة ودورها في المشاريع، تحدثت عنب بلدي إلى نبيل العاسمي، رئيس المجلس المحلي في مدينة داعل، ونفى أي اطلاع على المشاريع.
وقال رئيس المجلس المحلي إنه لم ينسق بخصوص مشروع تركيب المحولة، “نحن لا نملك أي معلومات عنه، إلا أنه مقدم عن طريق الهلال الأحمر، وليس لدينا معلومات حول آلية دخول تلك الجهات أو الطرف الآخر الذي نسق معها لتسهيل تنفيذ المشروع”.
وأكد العاسمي أن “المجلس العسكري في مدينة داعل، لم يكن لديه أي اطلاع أو تنسيق”، معتبرًا أن تركيب محول الكهرباء في داعل، “هي الحادثة الأولى من نوعها في المدينة”، إلا أنه أبدى رضاه عن تنفيذ المشروع بغض النظر عن الجهة المسؤولة عنه “ما يهمنا تركيب المحولة ولا نعترض على الأمر لأنه يصب في خدمة الأهالي”.
ورجح رئيس المجلس استهداف أكثر من مدينة وبلدة في محافظة درعا بمشاريع مشابهة، لافتًا إلى أن مدينتي الحارة ونوى ربما تكونان على رأس تلك المناطق، بينما يتخوف الأهالي من تمدد وانتشار المشاريع، في ظل غياب التنسيق مع المجالس المدنية والعسكرية، “ما يضع علامات استفهام حولها”، وفق تعبير البعض.
ويخشى آخرون من أن يتحول عمل مؤسسات النظام في مناطق المعارضة، من حالة اضطرارية إلى اعتيادية، وسط مخاوف من أن تتعرض المجالس المحلية، التي تفتقد للتمويل الذاتي وتعتمد على الدعم الخارجي، لضغوطات في المرحلة المقبلة، تجبرها على التطبيع مع مؤسسات النظام أو الاندماج معها.