يحاول العديد من الأوربيين فهم حقيقة ما يجري في سوريا بعد أن صدمتهم موجة اللجوء الكبيرة عام 2015، لذلك غالبًا يتوجهون إلى البحث عن تاريخ البلاد عبر الإنترنت، وما تقدمه أحزابهم السياسة عنهم، وهذا ما لا يكون حياديًا في معظم الأحيان.
إلا أن مصدرًا غاية في الدقة والقرب من جميع تفاصيل المشهد السوري، رغبت صحيفة “الغارديان”، بتقديمه للقارئ الأجنبي ليكون دليله للتعرف على البلاد التي احتلت أخبارها صحف العالم منذ سبع سنوات.
هذا المصدر هو الأعمال الأدبية والروائية والتوثيقية، التي قدمها السوريين في معرض شهادتهم عما جرى في بلادهم، وفي هذا التقرير تترجم عنب بلدي اختيارات “الغارديان” لأكثر أعمال سورية نجحت في تقديم صورة وافية للعالم عن تاريخ البلاد.
الجانب المظلم من الحب
تمتد أحداث هذه الرواية التي كتبها الأديب السوري، رفيق الشامي، على مدار 120 سنة من تاريخ سوريا، وبالرغم من عنوانها “الرومانسي”، وغناها حقًا بالعديد من قصص الحب السورية، إلا أنها تأخذ قارئها إلى مكان آخر تمامًا.
ففكرة الرواية جاءت نتيجة حالة عايشها الكاتب في ستينيات القرن الماضي، قبل فراره من سوريا عام 1970، إثر انتشار “جرائم الشرف” في دمشق، وكانت الضحية التي أثرت به فتاة أحبت شابًا من غير طائفتها.
حمل الشامي فكرته معه حتى فراره من سوريا ووصوله إلى ألمانيا، حيث يعتبر اليوم واحدًا من أكبر القامات الأدبية المؤثرة في البلاد، وقد تم تكريمه في معرض فرانكفورت للكتاب، الذي افتتحته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
الظلام الذي أدلى بظله الكثيف على قصص الحب في هذه الرواية يرتبط بشكل وثيق بالأوضاع السياسية المضطربة التي عاشتها البلاد منذ القرن الماضي، إبان الاحتلال الفرنسي، ثم الانقلابات العسكرية، والوحدة مع مصر، فالحرب مع إسرائيل عام 1967.
تلقي الرواية من خلال قصصها العديدة والكثيفة الضوء على الجوانب الجميلة والقبيحة التي عاشها السوريون في شبابهم خلال فترة زمنية تتجاوز القرن، وأثر الأنظمة الاستبدادية على حياتهم، وسيطرة الخوف من المعتقلات ورجال المخابرات على جميع جوانب حياتهم.
مديح الكراهية
تستكشف رواية خالد خليفة المعنونة بـ “مديح الكراهية”، قصة تصاعد التطرف الديني في سوريا لكن من منظور نسائي.
وتدور أحداث الرواية في ثمانينيات القرن الماضي، عقب الصراع الدامي بين النظام السوري وجماعة الإخوان المسلمين، والتي ارتكبت فيه القوات النظامية مجازر عدة كان أشهرها مجزرة حماة.
يتعرف القارئ على أحداث الرواية من خلال رواية شابة، لا تكشف عن اسمها، تنشأ في منزل جدها، وبتأثير من عمها تتوجه إلى التطرف، وتعلن نفسها “مجاهدة”، موضحةً أنهم بحاجة للكراهية حتى يعطوا لحياتهم معنى.
تتصاعد الأحداث في الرواية كما جرى على أرض الواقع، وتُعتقل الفتاة لوجود علاقة بينها وبين الإسلاميين هي وأفراد عائلتها، وتتعرض للتعذيب في المعتقلات.
وترى صحيفة “الغارديان” أن هذه الكراهية تتصل بشكل وثيق مع ما تعيشه سوريا اليوم.
البلد المحترق: السوريون في الثورة والحرب
يُقدم هذا الكتاب شهادات مباشرة من قلب الثورة السورية، أنجزه الكاتب البريطاني السوري روبن ياسين قصاب، وزميلته الناشطة ليلى الشامي.
في هذا العمل يتصاعد صوت السوريين المشاركين في الثورة ضد نظام بشار الأسد عام 2011، وتُقدم صفحاته تحليلًا للوقائع التي أدت بسوريا إلى ما هي عليه اليوم.
ويتناول الفصل الأول من الكتاب قصة صعود “العلويون” من هوامش المجتمع إلى سدة القيادة السياسية في البلاد، منذ ستينيات القرن الماضي حين انقلب حزب البعث على السلطة.
كما يشرح الكتاب بنية نظام الأسد الذي تم تصميمه على شكل الحكم العلماني الاشتراكي، بينما يخفي خلفه شبكة معقدة من الرأسمالية والمحسوبية والطائفية.
يعرج الكتاب على وصول بشار الأسد للسلطة عام 2000، وقيام الثورة عليه، ثم ظهور المتطرفين في صفوف المعارضة السورية.
ويشرح الكتاب من خلال شهاداته وتحليلاته كيف أصبحت البلاد ساحة للحرب بالوكالة، والتدخلات الأجنبية، والمنافسة السنية الشيعية للسيطرة على المنطقة، وهو ما سبب أكبر أزمة لاجئين في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.