جريدة عنب بلدي – العدد 20 – الأحد – 17-6-2012
عندما تقوم شركة بتخفيض وزن منتج في السوق مع الحفاظ على السعر، فإن هذا الإجراء ما هو إلا عبارة عن عملية رفع مبطن لسعر المنتج وسياسة غش وتدليس واضحة واستخفاف فاضح بعقل المستهلك. فالتاجر يفهم ويدرك تمامًا قوانين ولعبة السوق والعلاقة العكسية بين ارتفاع السعر وإنخفاض الطلب على سلعته. فعندما كنا صغارًا كانت شركات الشيبس تعمد على خداعنا بتخفيض كمية الشيبس وتضخيم حجم كيس البطاطس بالهواء مع الحفاظ على سعره ولا تلجأ إلى هذه السياسة سوى الشركات التي لا تملك سمعة أو مصداقية في السوق. فبعد سلسلة من رفع الأسعار التي قامت بها الحكومة والتي كان أخرها رفع سعر مادة المازوت ومع فشلها بضبط الأسعار في السوق، فإن الحكومة التي تواجه حراكًا شعبيًا لم يتوقف لأكثر من عام لا تجرؤ على مصارحة الناس بأنها تواجه أزمة مالية حقيقية تضطرها إلى رفع سعر الغاز، فما كان منها إلا اللجوء إلى سياسة الغش وسرقة المواطن علنًا تحت مسميات العدالة وإيصال الغاز للجميع.
فأي عدالة هذه التي تقوم على مبدأ الغش.!! وأين جمعيات حماية المستهلك ودورها في التدخل والدفاع عن حقوق المستهلكين؟ أم أنها صور شكلية من صور النظام التجميلية لتحسين صورته القبيحة وعصا بيده يقلبها كيفما يشاء.. !! وأين دور وزارة الاقتصاد والتجارة من ضبط حالات الغش في الأسواق، أم أنها فقط معنية بحالات المخالفة من قبل القطاع الخاص وأنه يجوز للحكومة ما لا يجوز لغيرها، فكيف تكون هي الخصم والحكم في نفس الوقت؟!!
من الواضح أن أهدف الحكومة أسمى مما نتوقع ولا يندرج قرارها بإنقاص وزن جرة الغاز تحت قوله تعالى (ويل للمطففين، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون). فقرارات الحكومة السورية تحمل دائمًا بعدًا استراتجيًا، ففي المدن التي تعيش تحت القصف والمناطق التي بات معظم شبابها ملاحقين، فقد شاهد الجميع كيف أن الأطفال هم من يحضر الغاز والخبز للأسرة في مثل هذه الظروف، وإنطلاقًا من حرص الحكومة واحترامًا لإتفاقية حقوق الطفل وحرصًا على عدم إصابة أطفالنا بمرض الدسك وضمان السلامة والصحة لأطفال المستفبل فقد تم إنقاص وزن جرة الغاز من 12 كيلو غرام إلى 10 كيلو غرام.. فمبدأ النظام ألف كلمة مات بمجزرة ولا كلمة أصابه الدسك من حمل جرة الغاز..!!