عاد اسم فاروق الشرع، وزير الخارجية في حكومة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، ونائب الرئيس الابن بشار الأسد، إلى الواجهة مجددًا، رغم غيابه عن المشهد السياسي في سوريا منذ خمس سنوات.
اسم الشرع ضجت به وسائل الإعلام العربية والعالمية، خلال الأسابيع الماضية، بعد طرحه من قبل أوساط سياسية للعب دور في المرحلة الانتقالية في سوريا وليرأس مؤتمر “الحوار الوطني السوري”، الذي دعت إليه روسيا في مدينة سوتشي، ومن المتوقع أن يعقد في شباط المقبل.
وينحدر السياسي، الذي حفر اسمه في ذاكرة السوريين المعاصرين لحقبة الأسد الأب في ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي، من مدينة درعا التي انطلقت منها شرارة الثورة، قبل أن تواجه بالعنف.
ولم يتخذ الشرع موقفًا معلنًا من الأحداث في سوريا، سوى التأكيد على ضرورة التفاوض والحل السياسي، وسط تغيب عن المشهد، لتبدأ التساؤلات عن مصيره وتحاك حوله الإشاعات، كالانشقاق والهروب إلى الأردن، أو تصفيته، أو وضعه تحت الإقامة الجبرية.
تسلم مهندس السياسات الخارجية، وهو من مواليد 1938، منصب حقيبة وزارة الخارجية منذ عام 1984، ليكون صورة للسياسة السورية، وخاصة في المؤتمرات العالمية كمؤتمر السلام في مدريد 1991، قبل أن يعينه الأسد الابن مستشارًا ونائبًا له في 2006.
ولكونه رافضًا للحل العسكري كلّفه الأسد بإدارة ملف الحوار الوطني في تموز 2011، لكن دون فائدة، إذ “تم الإجهاز على الحوار السياسي، وفتح الباب على مصراعيه لحوار الرصاص والمدافع”، بحسب ما قاله في آخر تصريح له لصحيفة “الأخبار” اللبنانية في 2012.
ومنذ ذلك الوقت اختفى الشرع عن الإعلام، ولم يظهر سوى في صورة التقطت له في نيسان 2016، إلى جانب عميد كلية العلوم الإدارية والمالية بجامعة اليرموك وعميد كليه الاقتصاد السابق في جامعة دمشق، مصطفى عبد الله الكفري، والصحفي صبري عيسى.
وبحسب معلومات عنب بلدي، فإن هذه الصورة كانت في عزاء المعارض السوري الراحل حسين العودات، في صالة دار السعادة في حي المزة، وسط العاصمة دمشق.
الصورة أظهرت علامات تقدم الشرع بالسن بشكل كبير، ليتساءل البعض أنه في حال وافقت أطراف الحوار السوري (النظام والمعارضة) على قيادته للمرحلة الانتقالية، هل سيكون الرجل، الذي درس الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق والقانون الدولي في لندن، قادرًا على ذلك، خاصة وأن عمره يبلغ حاليًا 79 عامًا.
غاب رسميًا عن الإعلام منذ سنوات، لكن اسمه يبقى حاضرًا مرارًا في كل مرة يتم الحديث فيها عن مرحلة انتقالية في سوريا، وضرورة وجود شخص “لم تتلوث يده بدم السوريين” لقيادتها.
ومع ازدياد المؤتمرات السياسية الهادفة إلى تسوية في سوريا، تبحث الدول المؤثرة عن شخصية يمكن التعويل عليها وتكون محل توافق عند طرفي النزاع، بعدما حرقت كثير من الشخصيات أوراقها بمواقف تتعنت لمواقف الطرف الذي تميل له.
ويبدو أن شخصيات في المعارضة السورية لا تعترض على لعب الشرع دورًا في المرحلة الانتقالية أو مستقبل سوريا، فقد سربت المعارضة سميرة المسالمة، في مقال لها نشرته في صحيفة “الحياة”، أن ترشيحه لقيادة مؤتمر سوتشي، أتى من المعارضين خالد المحاميد، نائب رئيس وفد المعارضة حاليًا إلى جنيف، وهيثم مناع رئيس تيار “قمح”، الذين ينحدران من درعا أيضًا.
وبالرغم من عدم تعليق النظام على قيادة الشرع لمؤتمر سوتشي، نفت روسيا على لسان المبعوث الخاص للرئيس الروسي للتسوية السورية، ألكسندر لافرينتيف، توليه قيادة مؤتمر سوتشي، معتبرًا أن جميع معايير المؤتمر المقبل لا تزال قيد الدراسة، ولا وضوح لحد الآن بشأن من سيترأسه.