نعم… وأنت فقط .. همسة في أذنك
عنب بلدي ــ العدد 133 ـ الأحد 7/9/2014
قالها المولى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}، فكنت أنت ذاك الخليفة، خلقك في أحسن تقويم، وكرّمك ورزقك نعمه ما ظهر منها وما بطن، وهداك النجدين، وعلمك الأسماء كلها ما علمت منها وما لم تعلم، فأنت الفطن الكيّس الذي لا يُلدغ من جحر مرتين، وأنت القوي بعلمك ومنطقك، وأنت وأخوك جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء، ثم وإخوتك بنيان يشد بعضه بعضًا.
نعم أنت كل هذا، وأكثر منه، إنك أنت وأنت فقط، فلست ريشة في مهب الريح، ولا صفرًا على اليسار، فلديك رسالة عليك تأديتها لتحفر اسمك ومكانتك في هذه الدنيا، فإليك أنت فقط أتوجه بالسؤال: هل أنت مناضل في هذه الحياة، وهل عرفت قيمتك؟ وهل كتبت رسالتك يومًا؟ وإن كتبتها –بل لا بد أنك فعلتها- ففي أي محطة وصلت في تحقيقها؟
ومرة أخرى أنت ناضلت أمام الطغاة، ولم تصمت للظالمين، وأعنت المظلوم على نوائب الزمان، وحتى نصرت الظالم برده عن ظلمه وغيّه، ولن تسمح بتشكل ديكتاتور في حياتنا، وكسرت حاجز الرتابة وسعيت للتغيير الإيجابي بكل قواك، فحررت قلمك وفكرك وحتى مخيلتك، وجاهدت نفسك في انتظار حرية وطنك، بل حتى تحررت من الارتباط به، ليغدو وطنك هناك حيث تجد كرامتك وتتمكن من ترك أثر نافع طيب.
أتذكر يا أنت- نعم أحدثك أنت- عندما كنت طفلًا لم يبلغ عمرك ساعات كيف بكيت وبكيت حتى اهتديت إلى ثديي أمك، وجدت ضالتك، وكيف حبوت وتعثرت مرات ومرات حتى تمكنت من المشي، ثم كتبت مرات حروفًا فوق السطر وأخرى بأحجام كبيرة، حتى أصبحت الآن كاتبًا عظيمًا لا يعجزه تحريك قلمه كيفما أراد، ثم بلغت أشدك وكونت أسرة تربّيها على حميد الأخلاق، وها أنت تجاهد بإخلاص في عملك فكنت المعلّم والفلّاح والمهندس والطبيب والبائع والسائق وغيرهم الكثير -نعم أتحدث عنك أنت- فهاهي ابتسامة الرضا قد امتزجت مع شريط ذكرياتك.
والآن يا أنت تقول بأنك تتمة عدد في هذه الحياة، ولا مغزى من وجودك، وتنسى عظيم صنعك، ولكن دعنا نتحدث من جديد عن رسالتك في هذه الحياة، عن محاولاتك لتبقى متألقًا متميزًا تترك أثرًا طيبًا أينما حللت، فأنت تعلم بأن مشروعك في هذه الحياة، أو لنقل “أسطورتك الشخصية” عمود أصله ثابت، وفرعه في السماء، يؤتي أكله كل حين بإذن ربه، وبإرادتك وسعيك أنت لذلك، فكل نسيم سيحمل البذور التي نثرتها يداك، بعيدًا عن ظلك، فابذر يا أخي من أجل أن تذهب بذورك بعيدًا عن حقلك، فدعها تحفر مكانًا في عمق المستقبل، فيقتات بها غيرك، وهل هناك أجمل من أن تُعرف بآثارك وجميل ما تركت؟
أتذكر يوم قلت لي بأنك تؤمن برياح التغيير التي ستحل يومًا في ديارنا، وستقتلع الزبد ليذهب جفاء، ولن يبقى يومها إلا ما ينفع الناس، وكنت حريصًا أن تكون ممن سيديرون عجلة التاريخ للأفضل، كلنا مناضلون، مجاهدون، شهداء على الحق والحقيقة، متمسكون بالأمل والعمل، مخلصون في نوايانا لنكون أدوات فاعلة بيد رياح التغيير –كما كنت تحلم- وها قد أتت.
ففكرة حصان طروادة التي يتم طرحها صارت مطلقةً، والملاحظ أن كثيرًا من الأفكار التي أصبح الحصان ينوء بحملها هي أفكار لا غبار عليها فيما لو تمت مناقشتها بإنصاف وبطريقةٍ موضوعية!، فقم يا أخي، وضع يدك بيدي لنبني غدك وغدي، وانفض كما عوّدتنا غبار اليأس والتخاذل عن همتك التي تعانق السماء.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :