نشبت خلافات عدة بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، في الأشهر الأخيرة، على خلفية إلزام الاتحاد لأعضائه بتقاسم أعباء اللاجئين، كنوع من تحمّل المسؤوليات التي تعاهدت عليه تلك الدول تحت سقف موحد.
وشكلت أزمة اللاجئين عمومًا، والسوريين خصوصًا، مصدر خلاف في الاتحاد، بعد موجة “غير مسبوقة” شهدتها أوروبا عام 2015، مع تدفق ما يزيد عن 1.7 مليون لاجئ إلى أراضيها، معظمهم من سوريا والعراق وأفغانستان.
التدفق هذا نشأت عنه التزامات عدة تعهدت بها بعض الدول الأوروبية، تحت ظل اتفاقية أطلق عليها اتفاقية “توزيع اللاجئين”، التي لاقت قبولًا من بعض الدول فيما رفضت أخرى الالتزام بها.
ما هي هذه الاتفاقية التي فرقت الدول الأوروبية؟
في أيلول 2015، وافق وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي على إعادة توزيع 160 ألف طالب لجوء في جميع أنحاء أوروبا، ضمن خطة تنتهي في أيلول 2017، تحت ما يعرف باتفاقية “توزيع اللاجئين”.
الهدف منها كان تخفيف الأعباء على بعض الدول الأعضاء التي أبدت تعاطفًا مع طالبي اللجوء، ومنها ألمانيا والسويد والنمسا، ومع دول استقبلت، مرغمة، عددًا كبيرًا من اللاجئين كونها بوابة الاتحاد الأوروبي، ومنها إيطاليا واليونان.
ووفقًا للاتفاقية فإن على ألمانيا أن تستقبل 31443 لاجئًا وفرنسا 24031 وإسبانيا 14931 وبولونيا 9287 وهولندا 7214 ورومانيا 4646 وبلجيكا 4564 والسويد 4469 والنمسا 3640 والبرتغال 3074 وفنلندا 2398.
أما التشيك فألزمت باستقبال 2978 لاجئًا وبلغاريا 1600 وسلوفاكيا 1502 وكرواتيا 1064 وسلوفينيا 631 ولاتفيا 526 ولوكسمبورغ 440 وإستونيا 373، ومالطا 133 لاجئًا والشطر الجنوبي من قبرص 274 لاجئًا.
وتتلقى تلك الدول، حال التزمت بالأرقام، دعمًا ماديًا من خزينة الاتحاد الأوروبي، وصلت ميزانيته إلى 780 مليون يورو.
أرقام ما بعد الاتفاقية
تخلل العامين الماضيين صد ورد داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، بسبب الرفض القاطع لدول أوروبا الشرقية، ومنها بلغاريا وكرواتيا وسلوفاكيا والمجر وبولندا، التي اعترضت على إلزامها باستقبال لاجئين، مفضلة تقديم مساعدات مالية لإيطاليا واليونان على استقبال اللاجئين.
وتقدمت كل من سلوفاكيا والمجر إلى محكمة الاتحاد الأوروبي بطعن ضد قرار المجلس الأوروبي، ووصفت الدولتان في طلب الطعن نظام المحاصصة بأنه ليس ضروريًا، وغير مناسب لحل أزمة اللاجئين، وسط انتقادات حقوقية اعتبرت الرفض انتهاكًا لقانون حقوق الإنسان.
الاتفاقية انتهت قبل ثلاثة أشهر، معلنةً عن أرقام صادمة بانتقال 27 ألف طالب لجوء فقط، من أصل 160 ألفًا، بما يعادل 17.2% من مجموع اللاجئين المستهدف إعادة توزيعهم، وفق ما أعلن الاتحاد الأوروبي في تشرين الأول الماضي.
ولم تستقبل هنغاريا وبولندا أي لاجئ في حين اكتفت جمهورية التشيك وسلوفاكيا باستقبال 12 و16 لاجئًا على التوالي.
واستقبلت ألمانيا سبعة آلاف و852 لاجئًا، وفرنسا 4 آلاف و278 لاجئًا، ولم يتجاوز عدد اللاجئين الذين استقبلتهم باقي الدول الأوروبية باستثناء فنلندا وإيرلندا وليتوانيا ولوكسمبورغ ومالطا والسويد، نصف العدد المخصص لها، بموجب القرار.
قمة في الاتحاد الأوروبي لحل المشكلة
بدأت قمة أوروبية اليوم، الخميس 14 كانون الأول، لإيجاد حل للمشكلة التي شغلت الدول الأوروبية، وإصلاح اتفاقية اللجوء بما نظام اللجوء في أوروبا.
وانتقد رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، الاتفاقية معتبرًا أنها “غير فعالة” و”مثيرة للانقسامات”، الأمر الذي أثار حفيظة ألمانيا، مطالبة بالالتزام باتفاقية “توزيع اللاجئين” على 22 دول أوروبية.
ويرى مختصون أوروبيون أنه من الصعب التوصل لصيغة ترضي الجميع حول توزيع اللاجئين، وأن جدلًا كبيرًا سيتخلل القمة الأوروبية التي ستستمر حتى يوم غد.
–