الموافقة الأمنية أبرز تحديات المستأجرين في درعا المحطة

  • 2017/12/10
  • 12:42 ص

رجال يتفقدون منازلهم في درعا بعد قصف النظام الأسد- حزيران 2017 (الأناضول)

 عنب بلدي – درعا

تشهد الأحياء الرئيسية في “درعا المحطة” أزمة في الحصول على سكن، على خلفية الطلب الكبير للمستأجرين، عقب المواجهات العسكرية الأخيرة في حي المنشية، وما رافقها من موجات نزوح لمئات المدنيين، ليضاف إليها عائق جديد يتمثل بالحصول على الموافقة الأمنية من أفرع النظام السوري.

ومثّلت درعا حالة فريدة من نوعها ضمن المدن السورية، إذ تتقاسم فصائل المعارضة وقوات الأسد السيطرة عليها، وعاشت أحياؤها معارك عنيفة دمرت الكثير من معالمها وهجّرت الآلاف من سكانها، وصولًا إلى سيطرة المعارضة على معظم أحياء درعا البلد وحي طريق السد ومنطقة المخيمات.

بينما سيطرت قوات الأسد على معظم درعا المحطة التي تعتبر المركز الإداري لمحافظة درعا، عدا عن تحول سوق المدينة إلى ساحة حرب بين الطرفين.

إبرة في كومة قش

بعد أن كان الانتقال من درعا البلد إلى درعا المحطة مشيًا على الأقدام لا يستغرق إلا بضع دقائق، يحتاج اليوم إلى قطع 60 كيلومترًا لتجاوز خطوط الاشتباك وصولًا للمعابر بين الطرفين، وبحاجة لعدة ساعات يقضيها المدني بين الحواجز انتظارًا وتفتيشًا.

لكن اضطرار الكثير من الأهالي للتواجد يوميًا في درعا المحطة سواء للعمل أو الدراسة، دفعهم للخيار الأصعب في الانتقال للعيش فيها بشكل دائم.

السحاري، المطار، شمال الخط، الكاشف، السبيل، القصور هي الأحياء الرئيسية في درعا المحطة والخاضعة لسيطرة قوات الأسد، وباتت منازل هذه الأحياء قبلة للكثير من المستأجرين، لتشابه عملية العثور على منزل فارغ للإيجار كالبحث عن “إبرة في كومة قش” كما وصفها أبو عماد أحد أهالي درعا البلد النازحين في درعا المحطة.

وقال “أبو عماد” في حديث لعنب بلدي إن أزمة البيوت هي الحديث الأبرز بعد نزوح المئات من أهالي حي المنشية في درعا البلد.

وأضاف أنه “قبل اندلاع معركة المنشية كانت المنازل الفارغة قليلة جدًا، وبعدها اضطر كثير من الأهالي للجوء إلى المدارس والمساجد والأبنية قيد الإنشاء، خاصة أن نزوحهم تزامن مع فصل الشتاء بداية العام الحالي”.

وتختلف فرص العثور على منزل للإيجار بين حي وآخر، وأوضح أبو عماد أن حيي الكاشف والسبيل الأفضل نتيجة وجود عدد أكبر من الأبنية، بينما يعتبر حي السحاري الأسوأ نتيجة إغلاقه أمنيًا من قبل قوات الأسد وتحويله لحي عسكري.

وأشار إلى أن معظم أصحاب المنازل يفضلون منح أو تأجير منازلهم لأقربائهم، لافتًا “معظم الأهالي لديهم صلات قرابة مع الأهالي النازحين من درعا البلد، لذلك يفضلون مساعدة أقربائهم أولًا”.

ورغم الارتفاع الكبير في أسعار المنازل وإيجاراتها في معظم المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في درعا، والتي وصل بعضها إلى أكثر من 70 ألف ليرة سورية (ما يعادل 150 دولارًا)، إلا أن الأمر لم يكن كذلك في درعا المحطة.

وأوضح أبو عماد أن الأسعار متفاوتة وتتراوح بين 20 و35 ألف ليرة سورية، معتبرًا أنه “سعر مقبول في الظروف الراهنة كون نسبة جيدة من أهالي درعا المحطة مهاجرين ومغتربين، ولا يعتبر تأجير منازلهم من الموارد المالية الرئيسية لهم”.

الاعتقال مقابل الاستئجار

العثور على منزل مناسب والاتفاق مع صاحبه على إيجار شهري لا يعتبر كافيًا للحصول على منزل في درعا المحطة، فقد فرضت الأفرع الأمنية على المستأجرين الحصول على موافقتها أولًا قبل إتمام أي عقد إيجار، الأمر الذي شكّل عائقًا أمام كثير من الأهالي، وتسبب في اعتقال آخرين.

علي حمدان، من أهالي مدينة الشيخ مسكين، تعرض للاعتقال منذ خمسة أشهر بعد تقدمه للحصول على موافقة أمنية لاستئجار منزل في حي المطار، بحسب ما أوضح أخوه في حديثه مع عنب بلدي.

“أخي مدرس وغير مطلوب للنظام وتنقل على الحواجز مرارًا طوال السنوات الماضية، وقبل خمسة أشهر اختار الانتقال للاستئجار في درعا المحطة، وبعد تقدمه للحصول على موافقة أمنية في فرع الأمن العسكري تم اعتقاله”، قال علي.

وأضاف الأخ لعنب بلدي “من المعروف أن الموافقة الأمنية إلزامية قبل استئجار أي منزل، وظننا أنها ستكون إجراء روتينيًا على اعتبار أنه غير مطلوب أمنيًا، وتقدم بطلب يحتوي أسماء أفراد عائلته التي ستقيم معه في المنزل”.

وكحال الآلاف ممن تم اعتقالهم منذ بداية الثورة، لم تستطع عائلة علي التواصل معه ولا الحصول على الأسباب المباشرة لاعتقاله، ليبقى مصيره مجهولًا، والسبب أنه “يبحث عن منزل للإيجار”.

أفرزت السنوات الماضية تغييرًا كبيرًا على التركيبة السكانية في مختلف المدن والبلدات السورية سواء الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة أو لقوات الأسد، وفقدت معظم المناطق السكان الذين كانوا فيها منذ سبع سنوات، إذ إن منهم من اختار الهجرة دون تفكير بعودة قريبة، أو اللجوء إلى دول الجوار.

ومنهم من اختار النزوح إلى مناطق أخرى يبحثون فيها عن المزيد من الأمن، إلى جانب عائلات فُقد أثرها بين شهيد ومعتقل ومفقود، لتحل مكان هؤلاء عائلاتٌ جديدة أوصلتهم إلى هذه المنازل، ذات الظروف التي أخرجت أهلها الأصليين منها.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع