عنب بلدي – رؤى الزين
“صار مصروف عيلتي بكفة ومصروفي بكفة تانية”، يقول عاصم، طالب المعهد الطبي في جامعة إدلب، الذي يسكن في شقة مع خمسة من زملائه، متحدثًا عن معاناة تتجلى بغلاء أسعار المنازل المخصصة للإيجار في المدينة، التي تحتضن الآلاف من النازحين إلى جانب سكانها.
يعاني معظم الطلاب في جامعة إدلب، من القاطنين في ريف المحافظة، صعوبات في التعامل مع مصاريف الجامعة، التي تتمثل بالإيجارات والخدمات الضرورية لإكمال تعليمهم.
افتتحت جامعة إدلب عام 2015، وتضم كليات ومعاهد، ورغم أن شهادتها غير معترف بها، إلا أن أعداد الطلاب المسجلين فيها العام الحالي، وصل إلى عشرة آلاف طالب وطالبة، وفق إدارتها، ويدرس آخرون في جامعة حلب “الحرة”.
ويبلغ قسطها السنوي 100 دولار للمعاهد، و200 للكليات العلمية، بينما يدفع الراغب بالدراسة في إحدى الكليات الأدبية 150 دولارًا. |
ويتحدث عاصم لعنب بلدي عن أسعار الإيجارات في إدلب، “البيوت غالية جدًا وهذا نوع من الاستغلال والاحتكار، فكلفة استئجارغرفتين تبلغ 15 ألف ليرة سورية شهريًا دون فرش، أما مع الفرش فيتوجب عليك دفع ضعف المبلغ”.
وبسبب صعوبة المواصلات وطول الطريق من بعض مناطق ريف المحافظة، اضطر بعض الطلاب لاستئجار غرف داخل مدينة إدلب، وقدروا نسبة المستأجرين بحوالي 35% من مجمل طلاب الجامعة.
خدمات مرتفعة الأسعار
يقول الطالب إن سعر أسطوانة الغاز يبلغ 6500 ليرة، “كل 20 يومًا نحتاج واحدة، ويلزمنا صهريج ماء ألف ليتر ندفع تكلفته ألف ليرة”، مشيرًا إلى أن الأمر ينسحب على الخبز والسكر وبقية المواد الاستهلاكية، “إلى جانب ما يستطيع الطالبة حمله من مونة عائلته”.
وتقدّر ليلى، طالبة اللغة العربية، مصروفها الشهري بحوالي 50 ألفًا، موضحة لعنب بلدي “في حال لم نتحدث عن الإيجارات، هناك غلاء في أسعار الكتب فأقلها بسعر 1500 ليرة، كما أن تصوير الورقة الواحدة من المحاضرات يكلف عشر ليرات، عدا عن قسط الجامعة”.
حلول بديلة عن الاستئجار
مع الغلاء الذي تحدث عنه عاصم وليلى، يرفض بعض الطلاب الاستئجار في المدينة، ويتعاقد البعض مع سيارات تأخذهم وتعيدهم من وإلى الجامعة، خلال أيام محددة دون التزام كامل بالدوام.
“نحن عشر طالبات نأتي ونعود يوميًا إلى الجامعة”، تقول رفاه، التي تدرس في كلية التربية، وتعيش في قرية إحسم في جبل الزاوية، مشيرة إلى أن المشوار اليومي يكلفها 500 ليرة سورية لوحدها.
وتؤكد الطالبة أنها “مجبرة” على الدوام، “دوامنا العملي إلزامي ما يضطرني للمجيء بهذه الطريقة مرتين في الأسبوع”، عازية السبب “لأن حالتي المادية لا تسمح لي بدفع أكثر من أربعة آلاف ليرة كل أسبوع، عدا عن تكلفة المحاضرات والقسط الجامعي”.
تعود رفاه متعبة إلى منزلها، كما تقول لعنب بلدي، مضيفة “أصل إلى منزلي قبيل أذان المغرب ولا أستطيع دراسة صفحة واحدة في يوم ذهابي إلى الجامعة”.
ويشتكي بعض الطلاب من مصروف التدفئة مع دخول فصل الشتاء، ويقول عاصم إنه يعتمد حاليًا على مدفئة مازوت، “ندفع خمسة آلاف ليرة ثمن المازوت كل أسبوع”، لافتًا إلى أنه استغنى عن مدفئة الكاز التي استخدمها العام الماضي بسبب رائحته وغلائه “كنا دفع ثلاثة آلاف كل يومين عدا عن الأمراض التي أصبنا بها”.
يعمل عاصم في إحدى المنظمات ليساعد عائلته، ورغم أن ذلك يؤثر على دراسته، إلا أنه يجد نفسه مضطرًا لذلك، بينما ترى كل من ليلى ورفاه أن “تكلفة طريق العلم في المناطق المحررة كبيرة جدًا ولا يمكن لأي شخص أن يتحملها”.