الحرب السورية وتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
إعلان تحريري
خلال السنوات القليلة الماضية، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صراعات واسعة، لعلها الأكثر توترًا وشدة من أي مكان آخر فى العالم، حيث أدت تلك الصراعات إلى خسائر بشرية واقتصادية مدمرة وإهلاك للبنية التحتية للعديد من الدول، لهذا تواجه المنطقة حاليًا تحديًا كبيرًا لم يسبق له مثيل، خاصة مع ظهور جماعات متشددة وغير حكومية، مثل ”الدولة الإسلامية“ فى العراق وسوريا واحتلالها الساحة السياسية، والتي بات لها تأثير سياسي وعسكري أيضًا باستحواذهم على مناطق واسعة من الأراضي، كما خلقت تلك النزاعات أكبر أزمة فى منطقة الشرق الأوسط، وهى أزمة اللاجئين، والتى تعد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.
إضافة إلى الخسائر المأساوية فى الأرواح والدمار المادي، فقد تسببت النزاعات فى وجود حالات ركود عميقة وارتفاع غير مسبوق لمعدلات التضخم، وانهيار فى الوضع المالي، كما تضررت أيضًا مؤسسات تلك الدول، ولكن تختلف الأضرار بدرجات متفاوتة، فقد انتقلت إلى الدول الجوار مثل لبنان والأردن وتونس وتركيا ومناطق أخرى في أوروبا.
ومن أكثر الدول التى تعرضت لدمار شامل هي سوريا، حيث تدخل الحرب فى عامها السادس، وعلى ما يبدو أن نهاية الأزمة لا تبدو وشيكة، وقد نشر البنك الدولى تقرير فى شهر تموز/يوليو 2017 أفاد بأن حجم خسائر الاقتصاد السوري خلال حربه المستمرة منذ أكثر من ست سنوات قُدر بحوالي 226 مليار دولار، فقد زُهقت آلاف الأرواح التي قُدرت بأكثر من 400 ألف شخص وفقًا لآخر الإحصاءات، كما دُمرت نصف البنية التحتية وأكثر من ثلث المساكن فى غالبية المدن السورية، إضافة إلى ذلك النزوح القسري وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها، الأمر الذي تسبب فى حدوث أزمة اللاجئين، ولم يستطع البنك الدولي أن يؤكد بالتحديد حجم الخسائر المادية والاقتصادية، لأنها تتخطى ذلك بكثير.
تعرض الاقتصاد السوري لانهيار شديد في كافة المؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فمنذ بداية الثورة السورية في آذار/مارس 2011، أصبح معدل النمو سالبًا، وانهارت قيمة الليرة السورية فى سوق تداول فوركس، وارتفعت معدلات التضخم ومعدلات البطالة لمستويات قياسية، إضافة إلى تعطيل النظام الصحي بشكل كبير وتفشي الأمراض المعدية بين المواطنين نظرًا لاستهداف المنشآت الصحية، وكذلك تعطل النظام التعليمي بسبب الأضرار التى لحقت بها واستخدامها كمنشآت عسكرية.
لقد ألقت الأزمة السورية بظلالها على المنطقة كاملة في كافة نواحي الحياة، فقد أحدثت خلافات سياسية وأنشأت تحالفات جديدة، كما أثرت على الوضع الاقتصادى للمنطقة بشكل كبير، حيث تراجعت معدلات النمو وارتفعت البطالة وتراجعت معدلات السياحة التي كانت أداة رئيسية للدخل القومي للكثير من دول المنطقة، كما أن الحروب مزقت نسيج الأسر والروابط الاجتماعية، فقد كشف الموجز الاقتصادي الفصلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2016 أن الحروب والنزاعات التي حدثت في تلك المنطقة أثرت على نحو 87 مليون شخص من أربع دول هم العراق وسوريا واليمن وليبيا، أي ما يعادل ثلث سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في الحقيقية يبدو الرقم مزعج للغاية والذي ترتبت عليه أضرار بالغة بالدول المجاورة.
حيث تواجه كل من تركيا ولبنان ومصر والأردن معُوقات اقتصادية هائلة على موارد ميزانيتها، لأن ما يقرب من 630 ألف لاجئ سورى تواجهوا إلى تلك البلاد وفقًا لتقديرات البنك الدولي، الأمر الذي يشكل عبئًا ماليًا واقتصاديًا على تلك الدول، خاصة في ظل معاناة تلك الدول من اضطربات سياسية داخلية وتحديات اقتصادية كبيرة.
قال البنك الدولي في آخر تقرير للمرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنه على الرغم من تراجع وتيرة النمو الاقتصادي في تلك المنطقة خلال عام 2017 بنحو 2.1% فهناك بوادر انتعاش اقتصادي خلال عامي 2018 و2019، ومن المتوقع أن تسجل معدلات النمو نسب تتجاوز 3%، وذكر التقرير أيضًا أن الدول المصدرة والمستورة للنفط في المنطقة ستستفيد من التحسن المستمر فى النمو العالمي وزيادة حجم التجارة مع أوروبا وآسيا وزيادة مستوى الاستقرار في أسواق السلع الأولية بالأخص النفط والإصلاحات التي تم تطبيقها في بعض دول المنطقة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :