عنب بلدي – خاص
أمل كبير ساقه مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، دي ميستورا، لملايين السوريين عندما توقع أن يكون تشرين الأول الماضي حاسمًا في الحرب.
الأشهر الماضية لم تخلُ من تصريحات متكررة للمبعوث الأممي بانتهاء الحرب، والتوصل إلى حل سياسي، إذ توقع، في 17 آب الماضي، أن يكون شهر أيلول بداية لتحولات نوعية، قبل لقاء مفاوضات جنيف التي توقعها حاسمة لإنهاء الحرب، ليجدد تفاؤله، في أيلول الماضي، بنهاية الحرب في سوريا.
لكن أحلام دي ميستورا بدأت تتلاشى، ولو مؤقتًا، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف بين الأطراف السورية دون إحراز أي تقدم يذكر.
12 بندًا رد المعارضة على “لا ورقة” دي ميستورا
المرحلة الأولى انتهت دون تحقيق دي ميستورا لهدفه بإجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين ومناقشة الدستور بينهما، واكتفى بالتنقل بين غرفتي الوفدين وتقديم وثيقة مبادئ أساسية جديدة خضعت لتعديلات عن الوثيقة السابقة التي قدمها خلال الجولات الماضية.
وتضمنت الوثيقة التي عنونت بـ “لا ورقة”، لشموليتها وعموميتها، التأكيد على أن سوريا “دولة غير طائفية”، وضرورة وجود “ممثلين للإدارات المحلية”، إضافة إلى عمل “الجيش الوطني” و”أجهزة الأمن بموجب الدستور”، لتبدأ ردود الطرفين عليها.
وفد المعارضة قدم ورقة من 12 بندًا ردًا على ورقة دي ميستورا، وحصلت عنب بلدي على النسخة الكاملة، التي تضمنت بنودًا حول وحدة الأراضي والحق باستعادة المحتل منها والديمقراطية وشكل الدولة بالمجمل “وليس شكل النظام، كما أن مسار الانتقال السياسي مسألة أخرى”، بحسب ما قال مستشار “الهيئة العليا” للمفاوضات، الدكتور يحيى العريضي، لعنب بلدي.
وبدأ رد المعارضة بالالتزام بسيادة الدولة واستقلالها، باعتبارها دولة ديمقراطية غير طائفية تقوم على المواطنة المتساوية، إضافة إلى الالتزام بالوحدة الوطنية واللامركزية الإدارية على أساس التنمية الشاملة والمتوازنة.
وتستمر المؤسسات العامة للدولة على أن يُحسّن أداؤها، ويتم حماية البنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة وفق ما نص عليه بيان جنيف، والقراران 2118 و 2254، ويكفل الدستور إصلاح “الجيش السوري” ليكون “وطنيًا وواحدًا ومبنيًا على أسس وطنية ملتزمًا الحياد السياسي”.
ومن بنود الرد، الالتزام بحماية واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، وتتضمن سوريا جميع الأديان والحضارات والتقاليد.
وتضمن الرد دعوة لصون وحماية التراث الوطني والبنية الطبيعية لصالح الأجيال القادمة، إضافة إلى توفير الدعم للمسنين والفئات الضعيفة التي تشمل ذوي الاحتياجات الخاصة وضحايا الحرب، والتأكيد على مبدأ المساءلة والمحاسبة على ما نفذ وينفذ من “جرائم حرب”.
وختمت البنود باعتبار القوانين والمراسيم الصادرة بعد آذار 2011، خاضعة لمراجعة لجان قانونية خاصة لإقرارها أو إلغائها.
عودة النظام لجنيف غير محسومة
موقف وفد النظام السوري كان مغايرًا، إذ اتهم رئيسه، بشار الجعفري، دي ميستورا بارتكاب أخطاء وتجاوز صلاحياته كوسيط بين أطراف التفاوض، حين قدم ورقة مبادئ دون التشاور مسبقًا مع وفد الحكومة السورية، قائلًا إنه “على الوسيط الدولي استشارتنا بشأن ورقته قبل طرحها، وهو لم يقدم أي رد على الورقة التي قدمناها قبل تسعة أشهر”.
ورفض الجعفري الدخول في محادثات مباشرة مع وفد المعارضة، التي يسعى إليها دي ميستورا، ما دام بيان “الرياض 2” قائمًا، معتبرًا أنه “عودة إلى الوراء واستفزازي وهو مرفوض جملة وتفصيلًا”.
وكانت المعارضة السورية اتفقت في بيانها الختامي من الرياض على رحيل رئيس النظام، بشار الأسد، قبل بدء المرحلة الانتقالية، من بين مجموعة من البنود.
الجعفري أعلن مغادرة جنيف وانتهاء الجولة بالنسبة لوفد النظام، في حين ترك عودته إلى المفاوضات، الثلاثاء المقبل، غير محسومة، بالرغم من دعوة دي ميستورا للوفدين الاجتماع مجددًا، لكن الجعفري أشار إلى أن السلطة في دمشق ستقرر العودة.
ومازال مبكرًا الحكم على الجولة الثامنة من جنيف بالفشل، لكن وسط تمسك المعارضة السورية بضرورة رحيل رئيس النظام، بشار الأسد، بداية المرحلة الانتقالية، وعدم تقديمها تنازلات من جهة، ووضع النظام عراقيل ورفضه لأي مسودة أو وثيقة تناقش الدستور ومصير الأسد من جهة، يمكن القول بأن الجولة الثامنة في طريقها للفشل وسط عدم اعتراف دي ميستورا بذلك.