خطيب بدلة
زاد طين السوريين بلة عندما فُرض عليهم المدعو بشار الأسد، في سنة 2000، رئيسًا للجمهورية، فازداد الفساد الذي أسسه والده في عهده فسادًا، بسبب رخاوة الحكم وضياع الطاسة، وأخذت الحكايات الواقعية المضحكة تتكاثر، ويحلو طعمها.
ففي ذات يوم من سنة 2006 أرسل الصيدلاني الإدلبي “أبو عادل” طلبًا خطيًا إلى وزارة الصحة بدمشق، للحصول على ترخيص بمزاولة أعمال الدعاية الطبية، فطلبوا منه، بعد أن تأكدوا من أن مجال عمله هو إدلب، أن ينقل اشتراكه النقابي إلى مدينة حمص!
لم يفهم أبو عادل الحكمة القانونية المختبئة وراء اختيار مدينة حمص لإنجاز معاملته، ومع ذلك، ولكونه مواطنًا صالحًا، فقد نفذ القرار بفم ساكت، وركب في أحد باصات شركة “الكرنك” وسافر إلى حمص، وهناك قصد نقابة الصيادلة، وطلب منهم تسجيله لديهم، فقالوا له:
– على الرحب والسعة.
وبعد أن أُنجزت معاملته، ودفع كل الرسوم والمصاريف المترتبة عليه، طلبوا منه ”التبرع“ للنقابات المهنية في حمص بمبلغ 18 ألف ليرة سورية.
قال لهم: أنتم تقولون ”تبرع“؟ يعني اختياري.
قالوا له: هو تبرع، ولكنه، مع الأسف، إجباري! ومشروط بكونك تزاول مهنة الصيدلة.
شقرق أبو عادل فرحًا وقال لهم إنه متوقف حاليًا عن مزاولة مهنة الصيدلة بدليل أنه متقدم بطلب للعمل في مجال “الدعاية الطبية”.
قالوا له، حرفيًا: إذا كنت متوقفًا عن مزاولة المهنة يرتفع مبلغ “التبرع الإجباري” إلى 36 ألف ليرة سورية.
وقع أبو عادل، وقتها، في حيص بيص، وقال للموظف:
– الحقيقة أنا أزاول المهنة. كنت أمزح معكم.
قال له الموظف ساخرًا: تمزح معنا؟ ألا تعرف أن النقابة دائرة رسمية لا يجوز فيها المزاح؟
قال أبو عادل: طيب حبيبي، افترض أنني لا أمزح. وأعتذر عن المزحة.. ماذا سنفعل الآن؟
قال الموظف: أصبح الموضوع الآن جديًا أكثر من ذي قبل. أمامك خياران، الأول أن تثبت لنا أنك تزاول مهنة الصيدلة، ووقتها نكتفي بأخذ مبلغ 18 ألف ليرة سورية، وإلا فالمطلوب منك أن تتبرع بـ 36 ألف ليرة سورية للنقابة.
صفن أبو عدنان، وبعد قليل قال: حسنًا، سوف أثبت لكم أنني أزاول مهنة الصيدلة وأتبرع لكم، غصبًا عني بالصرماية، بـ 18 ألف ليرة سورية فقط. لذلك أطلب من حضرتك أن تعطيني مهلة أسبوع ريثما أذهب إلى مدينة السويداء.
قال الموظف: لماذا تذهب إلى السويداء؟
قال أبو عدنان: يا أستاذ، أنا من إدلب، والوزارة التي في دمشق طلبت مني أن أراجع نقابة حمص على الرغم من أن لدينا نقابة في إدلب… وأنتم تسمون الدفع الإجباري ”تبرعًا“… ومع أنكم حمامصة فإن حضرتك لا تحب المزاح، وتريد إثباتًا خطيًا بأنني أزاول المهنة! من هنا خطر في بالي أن أذهب إلى ”شخص تالت“… السويدا مثلًا، وأثبت لكم أنني مطلق زوجتي ولا أمارس معها مهنة “الزوجية”. علمًا أنني كنت أمارس الزوجية غصبًا عني، وليس تبرعًا. والله.