عنب بلدي – خاص
لم تظهر الخلافات بين تنظيم “القاعدة” و”هيئة تحرير الشام” فعليًا إلى العلن، منذ أن فكت الأخيرة ارتباطها بالتنظيم، كانون الثاني الماضي، إلا أن اعتقالاتٍ طالت مناصري “القاعدة” خلال الأيام الماضية، أظهرت تباينًا في رؤى وتوجهات شخصيات فاعلة ضمن ”الهيئة”.
زعيم ”القاعدة“، أيمن الظواهري، انتظر أشهرًا بعد فك “النصرة” ارتباطها بالتنظيم، لينشر تسجيلًا صوتيًا، الأربعاء 29 تشرين الثاني، هاجم “الهيئة” على خلفية الاعتقالات، واعتبر أن إعلان فك الارتباط “منفي وغير مقبول“.
قال ناشطون إن من بين المعتقلين، الشيخ “أبو همام السوري”، القائد العسكري السابق في “النصرة”، والشيخ “أبو القاسم الأردني”، نائب “أبو مصعب الزرقاوي”، عضو تنظيم “القاعدة” السابق في العراق، الذي أعلن عن مقتله بغارة أمريكية عام 2006. |
وأكدت مصادر في الشمال السوري لعنب بلدي اعتقال إياد الطوباسي (أبو جليبيب الأردني)، على حاجز لـ “تحرير الشام” في ريف حلب، 27 تشرين الثاني، مبررة أنه كان يحاول التوجه إلى محافظة درعا، بينما اعتقلت الهيئة أيضًا الأردني سامي العريدي، على خلفية أنه “مطلوب للقضاء”.
حديث “الهيئة” عن سبب الاعتقالات لم يكن مباشرًا، وقال مدير العلاقات الإعلامية فيها، عماد الدين مجاهد، في حديث إلى عنب بلدي، إن “بعض الفئات يعملون ضد توجه الهيئة لإقامة كيان سني يحشد لدفع العدو الصائل”.
وذكرت “تحرير الشام” في بيان عبر منصاتها أن “فئات من الناس بنظرتهم القاصرة وتصورهم الضيق المحدود، كانوا من البداية ضد توجه تحرير الشام لتشكيل كيان سني”، مضيفةً أنهم “لم يكتفوا بمجرد ذلك، بل أخدوا يسعون جاهدين لتقويض هذا البنيان وزعزعته، وبث الفتن والأراجيف فيه، تحت ذرائع شتى ووسائل مختلفة وصلت لدرجة الافتراء والبهتان”.
وقدمت “الهيئة” لائحة ادعاء ضد من أسمتهم “رؤوس الفتنة”، على أن يقدموا لمحكمة شرعية عادلة تظهر الحقيقة، مشيرةً إلى أن “الأمر حاليًا لدى القضاء ليقول كلمته الفصل”، وانتهى الأمر بتشكيل لجنة “تعمل لإطلاق سراح المعتقلين بعد كفالتهم”.
تشكيل اللجنة جاء بعد طرح من مشايخ في الشمال السوري، ضمن مبادرة “والصلح خير”، وقالت “الهيئة” إنها للوصول إلى حل عملي حقيقي للمشكلة، بعد محاولات ووساطات لم تنجح ثم أعيد تفعيلها.
الظواهري يرفض فك الارتباط
تسجيل الظواهري الصوتي تحدث عن أن تنظيم “القاعدة” لم يقبل سابقًا أن تكون بيعة “جبهة النصرة” سرية، واعتبرها من الأخطاء القاتلة، مشيرًا إلى كيان جديد يجري إنشاؤه حاليًا، “أعطينا الفرصة لأكثر من سنة لكننا رأينا التعدي على الحرمات يتصاعد”.
ويقول محللون إن محاولات تأسيس فرع لـ “القاعدة” في سوريا، برزت منذ فك “النصرة” ارتباطها بالتنظيم، ورفض مبايعة الظواهري، وذكرت وسائل إعلام غربية وعربية، في تقارير خلال تشرين الأول الماضي، أن الظواهري كلف مؤخرًا حمزة بن لادن بتأسيس الفرع.
وكان عبد الله محمد رجب عبد الرحمن (أبو الخير المصري)، الرجل الثاني في “القاعدة”، قتل بغارة أمريكية في إدلب، شباط الماضي، وقيل إنه كان يعمل مع آخرين لتأسيس نواة جديدة للتنظيم في سوريا، وعلى رأسهم “أبو جليبيب”، الذي انشق عن “النصرة”، في آب 2016.
وحذّر الظواهري من “خطر الاجتياح التركي القادم، ومحاولات الإيرانيين”، عدا عن سياسية التضييق على المتمسكين ببيعة “قاعدة الجهاد في الشام”، والذين تعرضوا للاعتقال والتحقيق.
وجدد حديثه عن “البيعة”، واعتبرها عقدًا يحرم نكثه ويجب الوفاء به، داعيًا إلى جمع الشمل.
رسالتان ختم بهما زعيم “القاعدة” تسجيله، الأولى اعتبر فيها أن التنظيم “ليس كما يروج عنه بأنه مفتاح لكل المشاكل، وليس له أي علاقة في الصراعات حول الوحدة والذين لا يريدون الوحدة”.
ودعا في الثانية إلى “الوحدة في الشام وأن يكون هناك حكومة، وأن يختار أهل الشام لهم إمامًا”.
الاعتقالات للشخصيات البارزة في “تحرير الشام” استنكرها مجموعة واسعة من قيادييها، داعين إلى إطلاق سراحهم “وعدم شق الصف“، بحسب تعبيرهم.
إلا أن مراقبين عزوا سبب التوتر الأخير إلى تغير في سياسة “الهيئة”، التي قال زعيمها ”الجولاني“ حين فكت ارتباطها بـ”القاعدة”، إن عقيدة الفصيل ستبقى بذات المنحى من خلال “تحكيم شريعة الرحمن وإقامة دين الله في الأرض ورفع الظلم عن المظلومين من أهل الإسلام والكفران”.