الإيغور والصين.. صراع عرقي على أرض سوريا
استجابةً لطلب مستشارة رئيس النظام السوري، بثينة شعبان، تتحرك الصين لإرسال جنودها إلى الأراضي السورية لقتال فصائل التركستان المقاتلة إلى جانب المعارضة السورية.
وتستعد وزارة الدفاع الصينية لإرسال وحدتين معروفتين باسم “نمور سيبيريا” و”نمور الليل”، لمحاربة “الحزب الإسلامي التركستاني” على الأراضي السورية.
وبوصول الجنود الصينيين لمحاربة مقاتلي “التركستاني” الذين ينتمون لجماعة “الإيغور” العرقية، تنقل بكين صراعها التاريخي معهم إلى الأراضي السورية.
من هم “الإيغور”؟
قومية من آسيا الوسطى تعتنق الإسلام يعيش أغلب أفرادها في إقليم “سنغيانغ” الذي كان يسمى تركستان الشرقية قبل ضمه من قبل الصين.
تاريخيًا، وقبل الاستقرار في إقليم “سنغيانغ” كان الإيغور عبارة عن قبائل منغولية متنقلة، إلى أن تمكنوا من إقامة دولة تركستان الشرقية التي ظلت صامدة نحو عشرة قرون قبل أن تنهار أمام الغزو الصيني عام 1759.
كما أُلحقت دولتهم عام 1950 بالصين الشيوعية بشكل نهائي، لتبدأ عقود من الاضطهاد الديني والعرقي الصيني لمسلمي الإيغور.
يتكلم المسلمون الإيغور اللغة التركية ويستخدمون الأحرف العربية، وكانوا قبل القرن الثامن عشر ينتمون إلى ديانات مختلفة كالبوذية والمسيحية النسطورية والزرادشتية، لكنهم تحولوا إلى الإسلام جميعهم، وبينما يتبع أغلبهم الطائفة السنية توجد أقلية من الإيغور الشيعة.
مع بداية القرن الجاري كثفت الصين حملات القمع في حق الإيغور، وتمكنت من إحضار المعارضين الإيغور من باكستان وكازخستان وطاجيكستان بحجة “مكافحة الإرهاب”.
وتنشط بعض أحزاب الإيغور في جماعات سرية داخل الصين تدعو أغلبها إلى الاستقلال، وتتهمها الحكومة بالضلوع في تفجيرات وأعمال عنف في البلاد ومن أبرز هذه الأحزاب “الحزب الإسلامي التركستاني”.
ويقدر عدد الإيغور بنحو 8.5 مليون نسمة يعيش أغلبهم في إقليم “سينغيانغ” فيما يتوزع الباقي على دول آسيا الوسطى.
سوريا “أرض الخلاص”
بدأ الإيغور بالتوافد إلى سوريا مع سيطرة فصائل المعارضة على بعض المناطق شمالي البلاد، وشكلوا فصيلًا مسلحًا وشاركوا في القتال ضد قوات الأسد.
وبحسب تصريح نقلته وكالة “الأناضول” التركية عن إبراهيم منصور، المسؤول في “الحزب الإسلامي” عام 2014، فإن جماعات الإيغور فضلت المجيء إلى سوريا والعيش تحت نيران القذائف على البقاء تحت سطوة النظام الصيني والقمع والاضطهاد الممارس عليها.
شارك الحزب في معارك إدلب إلى جانب “جيش الفتح”، وكان له دور كبير في إحكام السيطرة على مدن وبلدات ريف إدلب الغربي وسهل الغاب في محافظة حماة، ومطار “أبو الظهور” العسكري، فيما يتركز وجوده اليوم في ريف اللاذقية.
ووفق معلومات كانت عنب بلدي حصلت عليها في السابق فإن عدد المقاتلين الإيغور يصل إلى ثلاثة آلاف جاؤوا مع عائلاتهم إلى سوريا.
سعى الإيغور إلى الاندماج مع المجتمع السوري، كما سجّل الناشطون حالات زواج لمقاتلين إيغور من نساء سوريات، لكن عدم تقبل المجتمع لهم على نطاق واسع أدى إلى انكفائهم وتشكيلهم مجتمعًا مصغرًا في سوريا.
حاول الإيغور أن يبتعدوا عن النزعات بين الفصائل المسلحة وأعلنوا مرات عدة أنهم قدموا لقتال النظام فقط، كما تلقوا تهديدات من أفراد الإيغور المقاتلين إلى جانب تنظيم “الدولة الإسلامية”.
التصعيد والوعيد
مع بداية شهر تشرين الثاني الجاري وجه “الحزب الإسلامي التركستاني” تهديدًا إلى الصين، ضمن عرض عسكري لقواته هو الأول من نوعه منذ بداية نشاطه العسكري على الأراضي السورية.
وتضمن العرض العشرات من الآليات العسكرية نوع “بيك آب”، ودبابات نوع T62″”، عدا عن رشاشات ثقيلة نوع 23، وقياس 14.5.
وسرعان ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية نيتها إرسال قواتها إلى سوريا لمساعدة قوات الأسد في قتال “التركستان”، بناءً على ما قالت وكالة “سبوتنيك” الروسية إنها دعوة وجهتها بثينة شعبان لمسؤولين عسكريين صينيين لمشاركة قوات خاصة صينية في محاربة الحزب التركستاني في سوريا، خلال زيارتها إلى الصين الأسبوع الماضي.
وكما سعت الصين في السابق إلى محاربة التركستان في آسيا الوسطى بحجة “الإرهاب”، فإن وجودهم في سوريا يسهّل عليها تأكيد اتهامهم بـ “الإرهاب”، ويزيد من قوة حجتها في قتالهم مع وجود مقاتلين إيغور مع تنظيم “الدولة”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :