تمام محمد – بيروت
يعاني خريجو جامعة دمشق من رفض شهاداتهم في الوظائف الحكومية، في حين تنتشر ”الواسطات” بشكل علني لدى لجان التوظيف، ما دفع بهم للعمل بعيدًا عن مجال اختصاصاتهم أو السفر بحثًا عن أعمال تناسبهم.
”نهى” مهندسة تصميم، تخرجت العام الفائت من جامعة دمشق، أفادت عنب بلدي أن مكاتب المؤسسات الهندسية الحكومية وضعت شروطًا ”شبه تعجيزية” لا تتوافر في المتخرجين الجديد، وذلك” بسبب كثرة المتخرجين المتقدمين للشاغر”، بعد ”نزوح أصحاب الشهادات الهندسية إلى دمشق، بسبب المعارك الدائرة في مدنهم”.
كما تطلب المؤسسات إرفاق الطلب بأوراق يصعب الحصول عليها كـ ”براءة ذمة، وغير موظف، وغير محكوم عليه، وشهادة البكالوريا، وشهادة الاختصاص، وشهادتي لغة إنكليزية ومعلوماتية مصدقتين من إحدى المراكز الحكومية”.
وقد اضطرت نهى، بعد رفض طلب توظيفها لدى عدة مؤسساتٍ ضمن اختصاصها، إلى العمل كمعدة للتقارير في دائرةٍ تعليميةٍ حكومية ٍ”مليئةٍ بالفساد التعليمي والمؤسساتي” (رفضت ذكر اسمها)، مشيرةً إلى ضياع سنوات دراستها وشهادتها، ”ما لها طعمة ولا فائدة”.
بينما يعمل بعض القائمين على لجان التوظيف ضمن دوائر أخرى، بانتقاء معارفهم أو المقربين من الأسد بعد مسابقات التوظيف ”الشكلية”، حسب إفادة ”وفاء” المتخرجة من المعهد التقاني الطبي منذ عامين.
وبعد نجاحها مع زملائها الثلاثة في مسابقة مشفى المواساة بشقيها النظري والعملي، اعتذرت اللجنة المسؤولة عن توظيفهم بحجة ”نفاد الشواغر”، لكن وفاء أكدت أن اللجنة أعطت أولوية التوظيف لمتقدمين من ”الطائفة العلوية” وحاملي الجنسية ”الفلسطينية”، على الرغم من حصولهم على درجاتٍ أدنى ”على مرأى من جميع المتقدمين”.
وتتابع وفاء، ”بقيت واثنين من زملائي حتى الآن ننتظر شاغرًا في أحد المشافي”، بينما تركت زميلتنا الاختصاص، وتدرس اللغة العربية للطلاب في منازلهم، مضيفةً أن الشهادة الجامعية هذه الأيام ”أصبحت للزينة فقط”.
وبين الشروط التعجيزية وفساد لجان التوظيف، يجد حامل الشهادة نفسه مضطرًا إلى السفر خارج البلاد، على أمل إيجاد عمل يناسب الخبرة التي اكتسبها خلال سنوات دراسته أو عمله سابقًا، لكنه رغم ذلك يواجه واقعًا صعبًا وفرصًا قليلة للعمل.
”مجد” مهندس الكهرباء، غادر سوريا مع أهله منذ عامين بسبب تدمير البنية التحتية لمدينته ومؤسسة الكهرباء فيها، فـ ”المؤسسة التي كنت على رأسها قبل الأزمة، أصبحت أنقاضًا بعد قصف المبنى من قبل قوات الأسد”.
ومنذ وصوله إلى مصر، يسعى مجد لنيل وظيفةٍ مناسبةٍ تعودُ عليه بمردودٍ جيدٍ يعينه على تغطية مصروف عائلته. ”أخرج من شركةٍ لأدخل أخرى، طلبًا لوظيفة ضمن اختصاصي” إلا أن الرفض يأتي دائمًا ”لا يوجد لدينا شاغر أو لا نقبل الشهادة السورية”.
مؤخرًا بدأ مجد العمل في ورشة خياطة، رغم أنه لم يزاولها من قبل، مقابل مردود قليل لا يتجاوز 200 دولار، تاركًا وراءه شهادته الجامعية في حقيبة السفر ”فلم يعد لي عمل ٌبها”.
وبينما أشار ناشطون وطلابٌ إلى التجاوزات بالحصول على شهاداتٍ مزورةٍ وتصديقها، تراجع ترتيب جامعة دمشق عالميًا من المرتبة 3400 منتصف العام 2012، إلى المرتبة 5070 بحسب التصنيف العالمي للجامعات الذي يعده موقع ”webometrics”الإسباني.