د. أكرم خولاني
ذكرنا في العدد الماضي أن معظم الأطفال يعانون من نوب بكاء شديد في بداية أعمارهم، وأن الأسباب الأكثر شيوعًا لهذه النوب هي الغازات والمغص. وكنا قد تكلمنا عن الغازات، وسنتكلم في هذا العدد عن أسباب وأعراض وعلاج حالات المغص عند الرضع.
ما هو مغص الرضيع
هو نوب من البكاء بصوت عال قد يعاني منها الرضيع حديث الولادة دون سبب واضح، ويشخص: عندما تستمر هذه النوب لمدة 3 ساعات يوميًا على الأقل، وتتكرر 3 مرات أسبوعيًا على الأقل، وتحدث خلال 3 أسابيع متتالية على الأقل.
عادة ما تبدأ هذه النوب في الأسبوع الثاني من الولادة وتستمر حتى نهاية الشهر الثاني ثم تتناقص تدريجيًا لتنتهي بعد الشهر الرابع من العمر.
كيف يتظاهر المغص عند الرضع
يبدو الرضيع المصاب بمغص كما لو أنه في حالة ألم، ويلاحظ أنه يمد ذراعيه ورجليه المتيبسة، ثم يسحبها باتجاه بطنه الذي يكون مشدودًا أيضًا، مع تقويس ظهره للأمام. غالبًا ما يترافق ذلك مع إخراج الغازات أثناء البكاء إضافة لوجود إمساك لدى الرضيع.
كيف يمكن التمييز بين الغازات والمغص
إذا كان الرضيع يعاني من الغازات فقط فيلاحظ أنه يبكي أثناء مرورها من الأمعاء وخروجها ثم يهدأ بعدها، أما في حالات المغص فإن البكاء يستمر لساعات طويلة مع احتقان وجه الطفل واحمراره، والجدير بالذكر أن الغازات قد تترافق بالمغص أيضًا في كثير من الحالات.
ما أسباب مغص الرضيع
لا يزال سبب المغص عند الرضع مجهولًا، ويعتقد البعض أنه جزء من التطور الطبيعي للأطفال، وقد وضعت عدة نظريات لتفسير حدوث المغص.
أشيع النظريات تقول إن الأطفال الرضع الذين يصابون بالمغص يكون جهازهم الهضمي غير ناضج بعد وبالتالي قد تؤثر عليه بعض المواد في حليب الثدي أو الحليب الصناعي (يصيب المغص الأطفال الذين يرضعون من الثدي أو من الزجاجة بنفس القدر).
نظرية أخرى تقول إن الجهاز العصبي المركزي للطفل الذي يصاب بالمغص لا يزال غير ناضج ولذلك فإن هذا الطفل غير مستعد بعد للتحفيز من العالم الخارجي المحيط به ولهذا يسبب الضوء والضجيج توترًا عنده.
وأحيانًا يكون المغص بسبب الغازات الهضمية المؤلمة لدى الطفل.
كما أشارت بعض الدراسات إلى أن تدخين الأم أثناء الحمل أو التدخين في مكان تواجد الطفل قد يسببان المغص للرضيع.
متى يجب مراجعة الطبيب
- إذا كان الطفل لم يعاني من المغص قبل ذلك وظهرت عليه أعراض المغص، فيجب مراجعة الطبيب للتأكد أن الطفل يعاني فعلًا من المغص وليس من مرض آخر.
- إذا ترافق المغص بارتفاع حرارة أو إسهال أو إقياء أو نزول دم مع البراز.
- إذا كان عمر الطفل أكثر من أربعة أشهر ولا زال يعاني من المغص.
- إذا كان الطفل يرفض الرضاعة من شدة المغص ولا يكسب وزنا بشكل طبيعي.
ما الذي يمكن فعله عند إصابة الرضيع بنوبة مغص
في البداية يجب التأكد من عدم وجود مشاكل صحية مسببة للمغص تستوجب مراجعة الطبيب، ومن ثم تتم محاولة تهدئة الرضيع بالطرق التقليدية: تقديم الحليب والأغذية، الحمل والهدهدة، الغناء، تقديم المصاصة، أخذ الطفل بنزهة في الهواء النقي بالسيارة أو بعربة الأطفال، وضع الطفل بمكان قريب من صوت الغسالة أو المكنسة الكهربائية حيث يمكن أن يساعد صوتهما في تهدئته، إعطاء بعض المشروبات العشبية مثل اليانسون أو البابونج أو النعناع أو الكمون، ويمكن إعطاء نقوط مضاد مغص معوي (مضاد تشنج معوي).
ومن الهام أن يتحلى الأبوان بالصبر والهدوء إذ إن توترهما ينتقل إلى الطفل فيزداد بكاؤه، فإذا لم يستطيعان السيطرة على نفسيهما يجب أن يعطيا الطفل لشخص آخر حتى يهدأ.
كيف يمكن منع نوب المغص عند الرضيع
لا يمكن منع حدوث نوبات المغص، ولكن يمكن التخفيف منها عند إصابة الطفل بها من خلال العمل ببعض النصائح:
إذا كان الطفل يرضع من ثدي أمه فيجب عليها الابتعاد عن الكافيين وبعض المأكولات كحليب البقر ومنتجات الألبان والقمح والمكسرات والزهرة والبروكولي والملفوف والبصل والثوم والفاصولياء الحب والأطعمة الحارة، بينما تكثر من البابونج والشمر وعرق السوس.
أما إذا كان الطفل يرضع حليبًا صناعيًا فيمكن تحويل الرضيع إلى أنواع ضعيفة الحساسية، ويمكن إعطاء الصيغ القائمة على فول الصويا.
يفضل وضع الطفل في غرفة هادئة خافتة الإضاءة لتخفيف التحفيز المفرط للطفل.
يجب مساعدة الطفل على التجشؤ بعد الرضاعة وعلاج الغازات الهضمية كما ذكرنا في العدد السابق.
بالنهاية نؤكد أن بكاء الطفل في حالة المغص ليس نتيجة خطأ من الأهل، كما أنه لن يسبب أذى للطفل، وهي مرحلة ستمر وتنتهي، وما على الأهل إلا الصبر قليلًا..