ضغوط تدفع مصانع للانتقال من حماة إلى إدلب
إدلب – طارق أبو زياد
يبحث منير، صاحب أحد مصانع “البلاستيك” المشهورة في حماة، عن مكان لإنشاء مصنع جديد في محافظة إدلب، بمساعدة صديقه الحاج عبد الكريم كريج.
ويتوجه بعض أصحاب المعامل في حماة، التي تخضع لسيطرة النظام، إلى نقل أعمالهم لمحافظة إدلب، التي تسيطر عليها المعارضة، لأسباب أبرزها الضغوط الأمنية، بينما يكتفي البعض بافتتاح فرع لمصانعهم، بمثابة وضع قدم في المنطقة واختبارها.
“قابلته وبدون مقدمات عرض علي أن أساعده في البحث عن مكان يصلح ليكون معملًا لصناعة القطع البلاستيكية”، قال عبد الكريم لعنب بلدي، مشيرًا إلى أنه تفاجأ بطلب منير الذي كانت صناعته جارية على قدم وساق في مدينة حماة.
تضييق اقتصادي وأمني
استطاعت عنب بلدي التحدث إلى منير، وقال إنه يعرف الكثير ممن نقلوا أعمالهم الصناعية إلى إدلب، أو أبقوا عملهم في مناطق النظام وافتتحوا فروعًا في المحافظة.
وعزا منير سبب تفكيره في نقل المصنع إلى أن “قوات الأسد خصصت بعض عناصر الفرقة الرابعة لملاحقة أصحاب المعامل والمصانع وطلب الضرائب غير الرسمية بطريقة تشبيحية علنية”، على حد وصفه.
“لدى مروري على حواجز النظام في مناطق سيطرته، أدفع ضريبة مرور على المواد الخام أو المصنعة التي أنقلها إلى زبائني”، يقول صاحب المعمل، الذي اعتبر أن ذلك يزيد سعر التكلفة ويجعل هامش الربح ضئيلًا، وربما ينعدم الربح ويدخل صاحب العمل في الخسارة في حال طلب منه مبلغ مفاجئ لم يكن يتوقعه.
إدلب، في نظر منير، خالية من “الضرائب الاستفزازية”، مشيرًا إلى مبالغ محددة تدفع عند طلب المواد الخام من تركيا أو تصدير البضائع كجمرك متعارف عليه، وهذا يعطي أريحية في العمل.
الاحتياط غيّب اليد العاملة
أصعب ما يواجه أصحاب المصانع هو تأمين اليد العاملة، وتبدو مناطق سيطرة النظام شبه خالية من فئة الشباب، في ظل سحبهم إلى الاحتياط، أو فرار كثير منهم إلى خارج سوريا أو إلى المناطق التي لا تسيطر عليها قوات الأسد.
بينما تتوفر اليد العاملة في إدلب بسهولة وتكاليف مقبولة نسبيًا دون معوقات، في ظل انتشار نوع من البطالة وقلة فرص العمل.
بين هنا وهناك
يملك الشاب الثلاثيني غيث حج أسعد معملًا صغيرًا لطحن المواد البلاستيكية المستهلكة وتجهيزها قبل إعادة التصنيع في حماة، لكنه يمده بالمواد الأولية من إدلب، واعتبر أن “لكل منطقة ميزاتها وعيوبها”.
يجهز غيث المواد في إدلب، مستفيدًا من قلة التكاليف، ويرسلها إلى معمله في حماة، مشيرًا إلى أن الكثير من مالكي المصانع يعملون بهذه الطريقة.
بدوره ترك الشاب علاء حلواني منشرة الحجر الخاصة به في مدينة حمص، وانتقل بعد طلبه للاحتياط إلى مدينة إدلب، وقال لعنب بلدي إن “السلبيات والإيجابيات بين المناطق المحررة ومناطق النظام متساوية إلى حد ما”، موضحًا أن ما يخيف أصحاب المصانع في إدلب هو القصف، ويقابله التضييق والاعتقالات في حمص.
لكن مناطق المعارضة لا توفر مناخًا “ورديًا” للصناعة، من حيث توفر بعض المواد وخبراء الصيانة، فقد اضطر علاء قبل أشهر إلى دفع تكاليف “عالية”، لإصلاح منشرته التي تعطلت في إدلب، بإرسالها إلى حمص.
على طرفي الصراع يقول أصحاب المصانع إنهم من أكثر الناس خسارة بسبب الحرب، إلا أن انتشار المصانع في محافظة إدلب أصبح ظاهرة خاصة بعد دخول المحافظة في اتفاق “تخفيف التوتر”، الذي جمد القصف، وأنعش أسواق المنطقة التي يقطنها أكثر من مليوني مواطن، بحسب تقديرات محلية ودولية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :