سامي الحموي – عنب بلدي
رغم توقفها لعدة أشهر نظرًا للحالة الأمنية واشتداد المعارك في أنحاء متفرقة من محافظة إدلب، يعود أبناء جبل الزاوية إلى المظاهرات السلمية بمضمون جديد يسعى إلى التوحد ونبذ الفرقة، فالمطلب هنا ليس «إسقاط النظام»، الذي يعتبر «أمرًا بديهيًا ومطلبًا روحانيًا وفطريًا»، بحسب ناشطي الجبل المحرر منذ سنتين.
«إياكم وغضب الحليم، دماؤنا أغلى من دعمكم وأموالكم، يتيم من إجرام النظام ومظلوم من تشتتكم وتفرقكم…»، بهذه اللافتات خرجت مظاهرات جابت عدة قرى في جبل الزاوية يوم الاثنين 4 آب.
وبعد إعلان مسبق عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم تهديدات مبطنة أطلقها بعض المنتمين لفصائل «إسلامية»، خرج مئات الأهالي والناشطين رافعين لافتات تعبر عن غضبهم بسبب الخلافات، التي طفت على الساحة الثورية مؤخرًا بين أغلب فصائل المعارضة، وخصوصًا الخلاف الأخير بين جبهة النصرة وجبهة ثوار سوريا، بحسب الناشط «محمد جدعان» منسق شبكة جبل الزاوية اليوم.
وفي حديثه لـ «عنب بلدي» يقول جدعان إن «المظاهرات كانت ذات مطلب رئيسي وهو توحد جميع الفصائل»، وجابت قرى وبلدات جوزف وبليون وإبلين واحسم والبارة والمغارة، كما خرجت مظاهرة يوم الجمعة 8 آب، في بلدة معرة حرمة تحمل ذات المطالب بتنسيق مشترك بين ناشطي ريف إدلب. وأوضح جدعان «سننتقل لمرحلة جديدة وهي تعميم المظاهرات في جميع أنحاء المحافظة حتى تحقيق مطالبنا التي خرجنا من أجلها».
«لا أحد يستطيع كم الأفواه بعد اقتراب الثورة من عامها الرابع، فالنفوس ضاقت من احتدام الصراع بين أمراء الحرب، ما ينتج استمرار المعاناة لأعوام طويلة» بحسب الجدعان. لذلك يحاول المتظاهرون استثمار المرحلة لإيقاف خلافات القادة، بعد فوضى السلاح وتخوف المدنيين من انتشاره في المنطقة.
ويعمل الناشطون على إعادة الحراك الشعبي إلى الواجهة رغم خطورة الأمر، كون هذه المظاهرات لا تخدم عددًا كبيرًا من الفصائل التي لا تريد التوحد.
ويبدي ناشطو «الزاوية» تخوفهم من احتداد بعض الفصائل ذات الأجندات والاتجاهات المختلفة من هذه الفعاليات، إلا أنهم لمسوا في الوقت ذاته انطباعًا إيجابيًا من عشرات القادة والمقاتلين في أنحاء الجبل.
وقد أبدى بعض قادة الفصائل استعدادهم للتوحد، ودعمهم لهذا المطلب وإمكانية تحقيقه، واللافت أن بعض العناصر من جبهة النصرة في قرية بليون، خرجوا أمام مقرهم وشاركوا أهالي البلدة مطالبهم، كما ترك مقاتلون من جبهة ثوار سوريا سلاحهم في المقرات والتحقوا بالمظاهرات.
ويضم جبل الزاوية قرابة 300 ألف شخص بينهم نازحون، متوزعين على عشرات القرى والبلدات في طبيعته الجغرافية الوعرة، التي كانت سببًا جوهريًا للانتفاض ضد نظام الأسد مبكرًا.
ويعتبر مقاتلوه مكونًا أساسيًا لفصائل «صقور الشام» و «جبهة ثوار سوريا» وهما من أبرز الفصائل في سوريا، لذلك يعتبر منبرًا ثوريًا من شأنه إعادة الثورة إلى مسارها.