عنب بلدي ــ العدد 129 ـ الأحد 10/8/2014
رغم تعرض أغلب أحياء مدينة حمص لدمار كلي وجزئي جراء الأعمال العسكرية التي استمرت لسنتين، إلا أنها تشهد حركة كبيرة لعودة الأهالي، وسط تحديات في إيجاد منازل صالحة للسكن، بينما يعمد سماسرة إلى رفع الإيجارات، واستغلال المضطرين لها.
ويصر العائدون على مواجهة هذه التحديات كحال «باسم» الذي عاد مع عائلته من لبنان بعد سنتين من النزوح، نظرًا لغلاء المعيشة والتعليم فيها، وما زال يبحث منذ أشهر وسط عددٍ محدودٍ من الأماكن الصالحة للسكن. بينما يشير «مجد» إلى ارتفاع أجرة المنازل، بعد عودته من العراق نظرًا لتوتر الأوضاع الأمنية مؤخرًا، حيث عمل لعامين في إحدى المنشآت الصناعية، ويقول: «نتيجة لضيق المساحات المؤهلة للسكن، شهدنا ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الإيجارات وصل بعضها إلى 100 ألف ليرة شهريًا».
ولا يخلو الأمر من استغلال بعض السماسرة، الذين يطلبون مبالغ كبيرة مقابل بيوت عادية دون خدمات، وغالبًا ما نرى عائلات دون مأوى تنام في الطرقات مع أطفالها، بعد أن أجبرتها الظروف المادية أو الأمنية على العودة إلى حمص.
أبو حسن هرب من أحداث عرسال الأخيرة، وتحدث لعنب بلدي: «وصلتُ إلى المدينة بشقّ الأنفس، وأنا حاليًا في منزل أحد الأصدقاء ولا يمكنني البقاء عنده بسبب أسرتي الكبيرة، لكنني لا أجد بيتًا يؤويني بعد دمار منزلي، ولا حتّى المال الكافي لاستئجار آخر… لا أعلم ماذا أفعل وأين أذهب بعائلتي؟».
واشتدت أزمة السكن، بسبب الحصار والقصف الذي يستهدف حي الوعر حيث لجأ مئات الآلاف من النازحين، ما اضطر هؤلاء للنزوح عن الحي مجددًا، إلى مراكز إيواء وأبراج قيد الإكساء.
بينما اتخذت المشكلة طابعًا مختلفًا عند بعض الأهالي، الذين سافروا خارج البلاد تاركين منازلهم بأمانة الأقرباء والأصدقاء حفاظًا عليها من السرقة، لكن معظم هذه المنازل أجّرت وبمبالغ طائلة. كما الحال لدى أم أحمد اللاجئة إلى القاهرة، «تركنا منزلنا في حمص بأمانة أخي، ولكنّنا عرفنا بعد سنتين من خروجنا أنه مؤجّر بفرشه وعفشه من وقتها بثمن مرتفع وتسكن فيه عائلتان مكوّنتان من 16 شخصًا، الأمر الذي أزعجني للغاية وأصبحت علاقتي مع أخي سيئة جدًا».
ورغم المعاناة في إيجاد منزل إلا أنّ عددًا من لاجئي حمص مصرون على العودة مفضلين ذلك على حياة الغربة.
أبو أنس مقيم في الأردن مع عائلته دون عمل، بعد أن كان تاجرًا كبيرًا في حمص، يقول إن الإقامة في الأردن استنزفت كل مدخراته، لذلك ينتظر أي اتفاق للتهدئة في حي الوعر كي يعود، لأن «البلد رغم الصعوبات أرحم من العيش في الغربة».
يذكر أن حكومة الأسد منذ إبرام الهدنة مع مقاتلي المعارضة في آذار الماضي، تعد المواطنين بإعادة الإعمار والخدمات، لكن شيئَا من ذلك لم يطبق حتى الآن.