توالت ردود الفعل الدولية المرحبة بإدانة “سفاح البوسنة” الجنرال الصربي، راتكو ملاديتش، بعد 22 عامًا من ارتكابه أسوأ فظائع وجرائم حرب شهدتها القارة الأوروبية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
العالم إلى جانب العدالة
وعقب إصدار “المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة” القرار، وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، الإدانة بأنها انتصار كبير للعدالة، واعتبر أن المحاكمة تمثل تحذيرًا إلى زعماء آخرين مثل رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وفي بيان نشره أمس، الأربعاء 22 تشرين الثاني، أوضح أن اثنين من المسؤولين الرئيسيين عن أسوأ الفظائع في البوسنة والهرسك بما في ذلك الإبادة الجماعية ضد المسلمين البوسنيين في سربرنيتشا، راتكو ملاديتش ورادوفان كرادجيتش أدينا حاليًا ويواجهان أحكامًا طويلة بالسجن”.
واعتبر رعد الحسين أن ملاديتش هو مثال للشر، وأن محاكمته هي مثال لما تقوم به العدالة الدولية.
وأكد أنه على كل مرتكبي الجرائم الدولية الخطيرة اليوم في جميع أنحاء العالم أن يضعوا هذه النتيجة نصب أعينهم، وأن هذا الحكم يمثل إنذارًا لمرتكبي مثل هذه الجرائم بأنهم لن يفلتوا من العدالة أيًا كان نفوذهم، ومهما طال الزمن، وسيحاسبون جميعًا.
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أعرب من جهته عن أمله في أن يؤدي قرار المحكمة الدولية إلى دفع المنطقة لمزيد من التقدم في طريق السلام والمصالحة.
وفي تعليقها على نتيجة المحاكمة قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي،فيديريكا موغيريني، إن تحقيق العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب على أفظع الجرائم هو التزام إنساني أساسي.
وعبرت موغريني عن تعاطفها مع الناجين والذين فقدوا أحباءهم نتيجة تلك الفظائع.
المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية، ماريا أديبهر، وصفت هذه الإدانة بالإسهام المهم في التوصل إلى تسوية عن الجرائم البشعة التي ارتكبت في يوغوسلافيا السابقة في التسعينيات.
كما دعت الولايات المتحدة دول وشعوب البلقان إلى العمل معًا من أجل بناء مستقبل أفضل.
وحض زعيم المسلمين في البوسنة، بكر عزت بيغوفيتش، على قبول الحقيقة قائلًا إن “تقبل الحقيقة هو الطريق والسبيل الوحيد لكي يكون المستقبل في هذا البلد أفضل من الماضي”.
ووصفت خديجة مهميدوفيتش، رئيسة جمعية “أمهات سربرنيتشا” القرار بأنه “قطرة في محيط” داعية إلى قبول الوقائع وبناء مستقبل أفضل.
سوريون يأملون بمحاكمة الأسد
وبعثت محاكمة ميلاديتش الأمل عند كثير من السوريين بمحاسبة رئيس النظام، بشار الأسد، على إجرامه، وبأن مرتكبي الجرائم في سوريا لن يفلتوا من العقاب.
الصحفي والناشط الحقوقي منصور العمري كتب عبر صفحته في “فيس بوك” إنه “لا مكان للمجرم بشار الأسد وعصابته إلا في المحاكم. ملايين السوريين ينتظرون رؤيتهم مكان سفاح سربرنيتشا”.
الإعلامية زويا بستان أشارت إلى الشبه الكبير بين ضباط النظام السوري وملاديتش في الفاشية والتوحش، وكتبت في “فيس بوك”، “شاهدوا الفيديو ولاحظوا الشبه الكبير بين ملاديتش، واحد من أقذر جزاري البوسنة، وبين ضباط بشار الأسد وهم يقومون بجولاتهم الإجرامية في أحياء سوريا”.
وأضافت “نفس الفاشية، نفس الوجوه الخرساء، نفس التوحش، نفس التكبر… وأتمنى أن يكون نفس المصير”.
وتمنى الناشط أنس تلو أن تحل العدالة في سوريا وكتب على صفحته “في عام 1992 ظهر فيكرت عليش على غلاف مجلة التايم وهو في أحد معسكرات الاعتقال الصربية يعاني من نقص الغذاء (…) اليوم كان في هولندا بانتظار الحكم على راتكو ملاديتش”.
ستحل العدالة يومًا ما
وحكمت “المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة” على ملاديتش، بالسجن المؤبد بعد إدانته بارتكاب جرائم حرب، وإبادة خلال حرب البلقان في التسعينيات من القرن الماضي.
وإلى جانب “الإبادة الجماعية”، أدين ملاديتش، بالنفي، والإخفاء القسري، والقتل، والترحيل إلى خارج الحدود، والقيام بأعمال لا إنسانية.
وتغلق “المحكمة الجنائية الدولية الخاصّة بيوغسلافيا السابقة” أبوابها نهائيًا في 31 كانون الأول المقبل، بعدما مثل أمامها 161 متهمًا.
وكانت المحكمة قضت بالسجن 40 عامًا، على رادوفان كرادجيتش الرفيق السياسي لملاديتش.
كما كان الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش، الذي عثر عليه ميتًا في زنزانته عام 2006 خلال محاكمته، أول رئيس دولة يمثل أمام محكمة دولية.
وبقرارها الأخير تطوى صفحة من التاريخ بالنسبة ليوغوسلافيا السابقة، شهدت محاكمة أهم مرتكبي الجرائم فيها ومثولهم أمام القضاء الدولي.
–